حضور الرب! «متفرقات

 

 

 

تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها

 

 

 

يُحتفل اليوم في إيطاليا وفي بلدان أخرى بعيد جسد المسيح ودمه. كانت الإفخارستيا، التي أسسها في العشاء الأخير، بمثابة نقطة وصول لمسيرة، رسمها يسوع مسبقًا من خلال بعض العلامات، لاسيما من خلال تكثير الأرغفة، الذي يرويه لنا الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيا اليوم. إنَّ يسوع يعتني بالحشد الكبير الذي تبعه لكي يسمع كلمته ويتحرر من الشرور المختلفة. فبارك خمسة أرغفة وسمكتين، وكسرها، ووزعها التلاميذ عليهم، "فأَكَلوا كُلُّهم حتَّى شَبعوا". في الإفخارستيا، يمكن لكلِّ فرد أن يختبر اهتمام الرب هذا المحب والملموس. إن الذي يقبل جسد المسيح ودمه بإيمان لا يأكل فقط، بل يشبع. الأكل والشبع: إنهما حاجتان أساسيتان يتم إشباعهما في الافخارستيا.

 

 

 

 الأكل. "فأَكَلوا كُلُّهم" يكتب القديس لوقا. مع حلول المساء، نصح التلاميذ يسوع أن يصرف الجمع لكي يتمكنوا من أن يذهبوا ويَجِدوا لَهم طَعامًا. لكنَّ المعلِّم أراد أن يهتمَّ بهذا أيضًا: هو يريد أن يعطي الذين اصغوا إليه شيئًا ليأكلوه أيضًا. ومع ذلك، فإن معجزة الأرغفة والأسماك لا تحدث بشكل استعراضي، وإنما بشكل خفي، كما في عرس قانا: كان الخبز يزداد بمروره من يد إلى أُخرى. وبينما كانوا يأكلون، أدرك الجمع أن يسوع يعتني بكل شيء. هذا هو الرب الحاضر في الإفخارستيا: يدعونا لنكون مواطنين في السماء، لكنه في هذه الأثناء يأخذ في الحسبان المسيرة التي يجب علينا أن نواجهها هنا على الأرض. وإذا كان لدي القليل من الخبز في حقيبتي، فهو يعرف ذلك ويهتم به.

 

 

 

أحيانًا يكون هناك خطر حصر الإفخارستيا في بُعد غامض، ربما يكون منيرًا وتفوح منه رائحة البخور، ولكنه بعيد عن صعوبات الحياة اليومية. إنَّ الرب في الواقع، يأخذ جميع احتياجاتنا على محمل الجد، بدءًا من الاحتياجات الأساسية. وهو يريد أن يعطي المثال للتلاميذ قائلاً: "أَعطوهُم أَنتُم ما يَأكُلون". تجد عبادتنا الإفخارستية تحقيقها عندما نعتني بالآخرين، كما يفعل يسوع: هناك حولنا جوع للطعام، وإنما أيضًا للرفقة، والتعزية، والصداقة، وروح الدعابة، والاهتمام. وهذا ما نجده في الخبز الإفخارستي: تنبُّه المسيح لاحتياجاتنا، والدعوة لكي نفعل الشيء نفسه لمن هم حولنا. عليك أن نأكل ونُطعم الآخرين.

 

 

 

بالإضافة إلى الأكل، يجب ألا يغيب الشعور بالشبع. شبع الجموع لوفرة الطعام، وكذلك أيضًا لفرح ودهشة حصولهم عليه من يسوع! نحن بالتأكيد بحاجة لأن نتغذّى، وإنما أيضًا لنشبع، أي لنعرف أن الغذاء يُعطى لنا بدافع الحب. في جسد المسيح ودمه نجد حضوره، وحياته التي بُذلَت من أجل كل فرد منا. فهو لا يعطينا المساعدة لكي نمضي قدمًا فحسب، بل هو يعطينا نفسه: يصبح رفيق سفرنا، ويدخل في أحداث حياتنا، ويزور عزلتنا، ويعيد إليها المعنى والحماس. هذا الأمر يُشبعنا ويعطينا ذلك "المزيد" الذي نسعى إليه جميعًا: حضور الرب! لأنه في دفء حضوره تتغير حياتنا: وبدونه ستكون رمادية حقًا. وبالتالي إذ نعبد جسد المسيح ودمه، لنطلب منه بقلوبنا: "يا رب، أعطني الخبز اليومي لكي أمضي قدمًا، وأشبعني بحضورك!".

 

 

 

لتعلّمنا العذراء مريم أن نعبد يسوع الحي في الإفخارستيا وأن نتقاسمه مع الإخوة والأخوات.

 

 

إذاعة الفاتيكان.