ها هو الرّب يسوع يخرج من المياه. «القوت اليومي

لقد تلألأ الرّب يسوع المسيح بالمعموديّة، فلنتألّق معه إذًا؛ لقد نزل في الماء، فلننزل معه لنعود فنصعد معه... كان يوحنّا يعمّد واقترب الرّب يسوع: ربّما ليقدّس الذي سيعمّده، ومن دون شكّ حتّى يدفن آدم القديم في المياه. ولكن قبل ذلك ومن أجل ذلك، قدّس نهر الأردن. وبما أنّه روح وجسد، أراد أن يبتدئ بالماء والرُّوح...

 

ها هو الرّب يسوع يخرج من المياه. إنّه في الواقع يحمل العالم ويخرجه معه. "رأَى السَّمَواتِ تَنشَقّ، والرُّوحَ يَنزِلُ علَيه كَأَنَّهُ حَمامةَ" (مر 1: 10)، تلك السموات التي أغلقها آدم له ولذرّيته عندما طُرد من الجنّة التي أقيم لحراستها "الكَروبين وشُعلَةَ سَيْفٍ متقلِّبٍ" (تك 3: 24).

 

لقد أكّد الرُّوح ألوهيّته، لأنّه أسرع نحو مَن هو من طبيعته نفسها. سُمع صوت من السماء ليشهد للذي جاء منها؛ وتحت شكل حمامة أكرمت الجسد، لأنّ الله بإظهاره نفسه في مظهر جسد، أَلَّهَ الجسد أيضًا. لذا، وقبل عدّة قرون، أعلنت حمامة البشرى في نهاية الطوفان (راجع تك 8: 11).

 

لنكرّم اليوم اعتماد الرّب يسوع المسيح، ولنحتفل بدون عيب... كونوا أنقياء، ونقوّا أنفسكم أكثر. لا شيء يفرح الربّ أكثر من استقامة الإنسان وخلاصه: هذه خلاصة هذا الخطاب وهذا السرّ. "كونوا بلا لَومٍ ولا شائبة وأَبناءَ اللهِ بِلا عَيبٍ في جِيلٍ ضالٍّ فاسِد تُضيئُونَ ضِياءَ النَّيِّراتِ في الكَون" (في 2: 15)؛

 

كونوا قوّة حيويّة للآخرين. وكأنوار مثاليّة تساعد النور الكبير، تعلّموا عيش حياة النور التي في السماء، واستنيروا بوضوح أكبر وببهاء أكبر بالثالوث الأقدس.

 

القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)​