بالإيمان يغدو الإنسان هيكلَ الله «القوت اليومي

 

 

كُن على تمام اليقين ، أيها الصديق، بأنّ الإيمان كالبناء، يَقومُ على الصخر. هكذا يتدرّج الإنسان إذ ينفتحُ على الإيمان: فهو يؤمنُ أوّلاً، و إذ يؤمنُ يُحِب، و من يُحبّ يرجو، وإذ يرجو يتبرّر، و عندما يتبرّرُ يكتملُ فينتهي بناءُ الإيمان.

 

هكذا يغدو المؤمنُ مقرَّ المسيحِ و هيكلَ سُكناه، كما قال إرميا النبيّ:" هيكلُ الله، هيكلُ الله،أنتم هيكلُ الله إن أصلحتم طرُقكُم و أعمالكم "(7/4-5). و قالَ اللهُ على لسان نبيٍّ آخر:"أجعلُ مَسكني بين مساكنِكُم و أسيرُ في ما بينكم" (أحبار 26/11- 12) .

 

بمثلِ هذا الكلام نطقَ الرسول المغبوط:" أنتُم هيكلُ الله و روحُ المسيحِ حالٌّ فيكم" (2كور 6/16)، كما سبقَ ربُّنا و صارحَ تلاميذَهُ : "أنتُم فيَّ و أنا فيكم" (يو14/20)...

 

فعلى الإنسان الذي غدا بالإيمان مَسكِنَ المسيح، أن يُفكّر بما يليقُ بخدمةِ الساكن فيه، و بالزينةِ التي تروقُ لعينيه. لقد ركّزَ بُنيانَهُ على الصخر، يسوع المسيح، فارتفعَ بناءُ إيمانِه. ينبغي لهُ، كي يُصبِحَ مقرّهُ اهلاً للسكن: الصومُ النقيُّ المستندُ إلى الإيمان، و الصلاة الطاهرةُ و المحبّةُ الملازمةُ له، والصدقاتُ التي تحلو في عينيهِ، و التواضعُ الذي يتآلفُ معه.

 

تَطيبُ لَهُ البتوليّةُ، و الإيمان يُحبِّبُها الى القلوب. و تصبو إليه القداسةُ و تنسجِمُ معهُ تماماً. يَبغي الحكمة، و الإيمان هو الباعِثُ عليها. يَقتَضي الضيافةَ و البساطة و الصبر، والإيمان مصدَرُهُما. يُحِبُّ التوبة، والإيمانُ يفتحُ العينَ عليها. يَطُلُبُ الطهارة، و الإيمان يَصونُها.

 

هذه هي بعضُ الزِيَنِ التي يقتَضِيها الإيمانُ القائمُ على الصخر، يَسوعَ المسيح. جميعُ هذه المزايا تَليقُ بالمسيح الملك الساكن في مَن تجَمّلوا بهذه الشمائل.

 

 

قراءةٌ من أفراهات الحكيم الفارسيّ (+ 345)