خميس أسبوع النسبة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو8/ 25- 30)

 

 

25 فقالوا له: "أنتَ، من أنتَ؟". قال لهم يسوع: "أنا هو ما أقوله لكم منذ البدء.

26 لي كلامٌ  كثيرٌ أقوله فيكم وأدينكم. لكنّ الّذي أرسلني صادق. وما سمعته أنا منه، فهذا أقوله للعالم".

27 ولم يعرفوا أنّه كان يحدّثهم عن الآب.

28 ثمّ قال لهم يسوع: "عندما ترفعون ابن الإنسان، تعرفون حينئذٍ أنّي أنا هو، وأنّي لا أعمل شيئًا من تلقاء نفسي، بل كما علّمني الآب أتكلّم.

29 والّذي أرسلني هو معي، وما تركني وحدي، لأنّي أعمل دومًا ما يرضيه".

30 وفيما هو يتكلّم بهذا، آمن به كثيرون.

 

 

 

 

أوّلاً قراءة للنصّ

 

عندما سمع اليهود ما أضاف يسوع على دعوته لهم إلى الإيمان به، قائلاً: إنّي أنا هو(24)، سألوه قائلين: "أنتَ، من انتَ؟"، فجاء جوابه في النقاط الثلاث التالية.

 

 

 "أنا هو ما أقوله لكم منذ البدء"، أي أنا هو المخلّص المنتظر، الذي وعد الله الآب الإنسان الخاطئ بإرساله إليه، لكي يخلّصه من الخطيئة؛ أنا هو كلمة الله، التي غرسها الخالق في قلب الإنسان وكيانه، لكي يبقى دائمًا، مهما خطئ وابتعد وضلّ، مفتّشًا عنه، ومتصوّرًا له، وتائقـًا إليه، بشهادة التاريخ البشريّ برّمته.

 

 أنا هو الذي يقول للعالم ما سمعه من الله الآب؛ والذي يتكلّم مع العالم بما تعلّمه من الله الآب؛ في هذا المجال، ليسوع مآخذ على اليهود في فهمهم للتّعليم الذي أعطوه بالشريعة والأنبياء، وفي سلوكهم الأخلاقيّ والاجتماعيّ، وفي مواقفهم منه ومن تعليمه وأعماله؛ ولكنّه لم يأتِ ليقول ذلك ويدينهم عليه؛ بل أتى ليقول لهم وللعالم، وذلك بصورة دعوة ملحّة إلى الإيمان، ما سمعه من الله الآب، وتعلّمه منه، وهو صادق، لأنّ الله الذي أرسله صادق.

 

 

 وأخيرًا، أنا هو الذي لا يعمل شيئًا من تلقاء نفسه، بل يعمل دومًا ما يرضي الله الآب، الذي أرسله، وهو معه، ولن يتركه لوحده!

 

 يشير يوحنّا الإنجيليّ إلى أنّ كثيرين ممّن سمعوا يسوع آمنوا به (30)؛ أمّا اليهود، فلم يعرفوا أنّه كان يحدّثهم عن الله الآب، وما شاؤوا أن يعرفوا وأن يفهموا؛ لذلك، قال لهم يسوع: "عندما ترفعون ابن الإنسان، تعرفون أنّي أنا هو" (28)، معلنًا لهم عن آلامه وموته مرفوعًا على الصّليب، وعن قيامته مرفوعًا من القبر، وعن صعوده إلى السّماء وتمجيده مرفوعًا عن يمين الله الآب؛ ولكنّ اليهود لم يروا سوى رفعه على الصّليب!

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 هذا النصّ هو في إطار الجدل بين يسوع وخصومه، الذي كان يدور دومًا حول كيانه العميق، وعلاقته بأبيه (يو8: 19)، الذي يكفل له رسالته؛ وحين سأله اليهود: "أنتَ، من أنتَ؟" جاء جوابه شبيهًا بجواب الله لموسى في العلّيقة الملتهبة: "أنا هو" (24، 28؛ راجع خر3: 14)؛ ويوضح يسوع كلامه، ويعلن أنّه سوف يكشف على الصّليب كيانه الحقيقيّ، ورسالته التي تحمل الحياة (21- 30).

 

 

شرح عبارات وكلمات

 

أ- منذ البدء (25)

أي كما أخبرتكم، وما زلت أخبركم؛ هذا ما قاله يسوع للعالم (7: 7؛ 12: 49؛ 14: 10).

 

 ولم يعرفوا (27)

تحدّث يسوع إلى اليهود عن الآب وعن نفسه، ولكنّهم لم يعرفوا، وما فهموا لأنّ عيونهم أعميت عن كلامه.

 

 عندما ترفعون ابن الإنسان...(28)

على الصّليب (3: 14)؛ وسيرفع يسوع في المجد (12: 32، 34)، فتظهر ألوهيّته كما تظهر صحّة أقواله.

 

د- هو معي (29)

هكذا كان الله مع موسى (خر3: 12)، ومع يشوع (يش1: 5)، ومع مريم العذراء (لو1: 28)؛ ولكنّ الله مع يسوع بشكل يفوق الوصف (16: 32)؛ هو في الآب والآب فيه!

 

ه- أعمل دومًا ما يرضيه (29)

راجع (يو4: 34).

 

و- آمن به كثيرون (30)

راجع (يو20: 31).

 

الأب توما مهنّا