الثلاثاء السادس من الصوم الكبير «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو 7: 1-13)

 

1 وكَانَ يسوعُ، بَعدَ ذلكَ، يَتَجَوَّلُ في الجَلِيل، ولَا يَشَاءُ التَّجَوُّلَ في اليَهُودِيَّة، لأَنَّ اليَهودَ كَانُوا يَطلُبُونَ قَتلَهُ.

 

2 وكانَ عيدُ اليَهود، عِيدُ المَظَالِّ قَرِيبًا.

 

3 فقالَ لهُ إِخوَتُه: "اِنتَقِل مِن هُنَا، واذهَبْ إِلى اليَهودِيَّة، لِكَي يُشَاهِدَ تَلاميذُكَ أَيضًا الأعمَالَ الَّتي تَصنَعُهَا.

 

4 فَلا أَحَدَ يَعمَلُ شَيئًا في الخَفَاء، وهُوَ يَبتَغِي الظُّهُور. وإن كُنتَ تَصنَعُ هَذِهِ الأَعمَال، فأَظهِرْ نَفْسَكَ لِلعَالَم"،

 

5 ذلك لِأَنَّ إِخوَتَهُ أَنفُسَهُم ما كَانُوا يُؤمِنُونَ بِهِ.

 

6 فَقَالَ لَهُم يَسُوع: "ما حَانَ وَقْتي بَعْد، أَمَّا وَقْتُكم فَهُوَ حَاضِرٌ في كُلِّ حِين.

 

7 لا يَقدِرُ العَالَمُ أَن يُبغِضَكُم، لَكِنَّهُ يُبغِضُنِي، لأَنِّي أَشهَدُ عَلَيهِ أَنَّ أَعمَالَهُ شِرِّيرَة.

 

8 إِصعَدُوا أَنتُم إِلى العِيد، وأَنا لا أَصعَدُ إِلى هذا العيد، لِأَنَّ وَقْتي ما تَمَّ بَعْد".

 

9 قالَ لَهُم هذا، وبَقِيَ في الجَليل.

 

10 وبَعدَمَا صَعِدَ إِخوَتُهُ إِلى العِيد، صَعِدَ هُو أَيضاً، لا ظَاهِرًا بَل في الخَفاء.

 

11 فكانَ اليَهودُ يَطلُبونَه في العيد، ويَقولون: "أَينَ هو ذَاك؟".

 

12 وكَانَ في الجَمعِ تَهامُسٌ كَثِيرٌ في شَأنِه. كَانَ بَعضُهُم يَقُول: "إِنَّهُ رَجُلٌ صالِح"، وآخَرُونَ يَقُولُون: "لاَ، بَل هُوَ يُضَلِّلُ الجَمْع".

 

13 وما كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنهُ عَلَنًا، خَوفاً مِنَ اليَهُود.

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل: "إخوة يسوع لم يؤمنوا به" (1-9)؛ والثاني: "يسوع في عيد المَظالّ في أورشليم" (10-13).

 

 نشير أنّ مجمل الكلام -بين يسوع وإخوته- في هذا النصّ، هو في موضوع ذهابه إلى اليهوديّة، وصعوده إلى عيد اليهود، عيد المَظالّ في أورشليم، مع ربط هذا الذهاب والصعود، من جهة إخوته، بإظهار نفسه وأعماله في الوقت المناسب وفي هذه المناسبة بالذات، أمام تلاميذه والمشاركين في العيد، ومن جهته هو، "بوقته" الذي ما كان قد حان بعد، والذي فيه سيشهد على العالم بأنّ أعماله شرّيرة، ويتلقّى من العالم الرفض والبغض حتّى القتل؛ ثمّ نرى، في ختام النصّ، أنّ يسوع صعد إلى العيد، بعد أن صعد إخوته، وكان صعوده، لا ظاهرًا، بل في الخفاء (10).

 

 

تَمَنّعَ يسوع من التجوّل في اليهوديّة، ورفضَ الصعود إلى أورشليم في أيّام العيد (7: 8)، ثمّ صعد في الخفاء (7: 10)، (7: 14)، ليكون الشعب كلّه قد تجمّع ودخل في جوّ العيد، حينئذٍ صعد وعلّم في وسط الهيكل، على عيون الشعب والرؤساء جميعًا.

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

 إخوته (3، 5)

 

تعني كلمة "إخوة" (3، 5) في الكتاب المقدّس وعند الشرقيّين، إمّا أبناء الأمّ الواحدة، وإمّا الأقارب الأدنَين (راجع تك 13: 8؛ 14: 16؛ 29: 15؛ لا 10: 4، أخ 23: 22).

 

 

 عيد المَظالّ (2)

 

هو عيد الغلال في الخريف، وبنوع أخصّ عيد الكرمة والزيتون؛ يدوم ثمانية أيّام (عد 29: 12-39)؛ يحتفل به تحت المَظالّ من أغصان الشجر وأوراقها، منصوبة في كروم العنب وبساتين الزيتون؛ إنّه ذكرى سكن الشعب اليهوديّ تحت الخيام في الصحراء مدى أربعين سنة، وحمايته بعمود من غمام نهارًا، ومن نار ليلًا، وارتوائه من ماء الصخرة العجيبة التي كانت ترافقه، والتي كانت، على حَدّ قول القدّيس بولس، المسيح نفسه (1 قور 10: 4).

 

 

 الآيات (10-13)

 

في الأيّام الأولى لهذا العيد، وقبل أن يظهر يسوع فيه، أخذ "اليهود" المتواجدون مع باقي الجمع يطلبونه، ويفتّشون عنه، ويتساءلون: "أين هو ذاك؟"؛ وكان أيضًا، في المجمع تهامس كثير، يقول الإنجيليّ، في شأن يسوع، وتبادل في الآراء المتباينة حتّى التناقض، حوله: إذ كان بعضهم يقول: "إنّه صالح"، وآخرون يقولون: "لا، بل هو يضلّل الجمْع"؛ كلّ ذلك كان يتمّ في الخفاء، لا بالعلن، خوفًا من "اليهود"، من رؤساء اليهود؛ ويظهر أنّ يسوع كان قد صعد إلى العيد، لا ظاهرًا، بل في الخفاء أيضًا (10)؛ قد يدلّ واقع الحال هذا على أنّ يسوع كان آخذًا في الحلول، شيئًا فشيئًا، محلّ العيد.

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 جمع يوحنّا الإنجيليّ في الفصلين (7 و 8) البراهين الهامّة ضدّ  مسيحانيّة يسوع، وحاول الردّ عليها؛ لقد خفي سرّ يسوع على اليهود والجمع: فإذ كانو يعرفون أصله البشريّ (15، 27)، فإنّه كان يحوّلهم عن أصله هذا، ويحيلهم إلى علاقته الحميمة مع الآب، التي هي أساس رسالته (28-29)، وحريّته تجاه الشريعة؛ فيؤدي ذلك إلى ضياع الجمع أمام سرّه، وإلى فكرة إزالته لدى السلطات اليهوديّة التي كانت تعتبر أنّ لها "وحدها" الحقّ في تفسير الشريعة.

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

عيد المَظالّ (2)

 

يحتفل في شهر أيلول، شهر قطاف العنب والزيتون (لا 23: 33-44)؛ ويمتدّ على ثمانيّة أيّام (عدد 29: 12-39)؛ فيه يتذكّر المؤمنون الله حين أقام مع شعبه في خيمة خلال مسيرة الخروج، ويعلنون البركات التي ستصل إلى الشعب في العهد المسيحانيّ (زك 14: 16-19).

 

 

 أظهِرْ نفسك (4)

 

نصيحة إخوة يسوع له هي كتجربة إبليس له (لو 4: 1): نصحوه بأن يظهر نفسه وقدرته للعالم، فيبهر الأنظار؛ فطلبهم هذا دلّ على عدم إيمانهم به.

 

 ما حان وقتي بعد (6)

 

أبناء هذا العالم يتصرّفون بوقتهم على هواهم؛ أمّا يسوع، فينتظر ساعته (2: 4؛ 5: 25، 28...)، وهي التي حدّدها له الآب؛ أجل، إرادة الآب هي التي توجّه حياة يسوع الابن.

 

 العالم (7)

 

أي الناس الذين يعارضون الله ومخطّطاته.

 

 أنا لا أصعد إلى هذا العيد (8)

 

رفض يسوع الذهاب إلى العيد بالطريقة التي نصحه بها إخوته؛ ولكنّه لم يرفض الذهاب إلى العيد عندما يحين الوقت وتتحدّد الطريق من قِبَل الله الآب.

 

 

الأب توما مهنّا