الإثنين من أسبوع الآلام الخلاصيّة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (متّى 21/ 17 - 27)

 

17 ثُمَّ تَرَكَهُم وخَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ إلى بَيتَ عَنْيَا وبَاتَ هُنَاك.

 

18 وبَينَمَا هُوَ رَاجِعٌ عِندَ الفَجرِ إلى المَدِينَة، جَاع.

 

19 وَرَأى تِينَةً على جَانِب الطَّرِيق، فَذَهَبَ إليهَا، وَلَم يَجِدْ عَلِيهَا إلاَّ وَرَقًا فَقَط، فَقَالَ لَهَا: "لا يَكُنْ فِيكِ ثَمَرٌ إلى الأبَد!". فَيَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً.

 

20 وَرَأى التَّلامِيذُ ذلِكَ فَتَعَجَّبُوا وقَالُوا: "كَيفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً؟".

 

21 فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُم: ألحَقَّ أقولُ لَكُم: إنْ كُنتُمْ تُؤمِنُونَ وَلا تَشُكُّون، فَلَن تَفعَلُوا مَا فَعَلتُ أنَا بِالتِّينَةِ

فَحَسْب، بَلْ إِنْ قُلتُم أيضًا لِهَذا الجَبَل: انقَلِعْ وَاهبِطْ في البَحر، يَكُونُ لَكُم ذلِكَ.

 

22وكُلُّ مَا تَطلُبُونَهُ في الصَّلاةِ بِإيمانٍ، تَنَالُونَهُ".

 

23 وجَاءَ يَسُوعُ إلى الهَيكَل، وبَينَمَا هُوَ يُعلِّم، دَنا مِنهُ الأحبَارُ وشُيُوخُ الشَّعبِ وقَالُوا: "بِأيِّ سُلطَانٍ تَفعَلُ هذا؟ ومَن أعطَاكَ هذا السُّلطَان؟".

 

24 فَأجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: "وأنَا أيضًا أسألُكُم سُؤالاً وَاحِدًا، فَإِنْ أجَبتُمُوني قُلتُ لَكُم أنَا أيضًا بِأيِّ سُلطَانٍ أفعَلُ هذا.

 

25 مَعمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنْ أينَ كَانَت؟ مِنَ السَّماءِ أم مِنَ النَّاس؟". فَأخَذُوا يُفَكِّرُونَ في أَنفُسِهِم قَائِلِين: "إِنْ قُلنَا: مِنَ السَّمَاء، يَقولُ لَنَا: فَلِماذا لَمْ تُؤمِنُوا بِهِ؟

 

26 وإِنْ قُلنَا: مِنَ النَّاس، نَخَافُ مِنَ الجَمْع، لأنَّهُم كُلَّهُم يَعتَبِرُون يُوحَنَّا نَبِيًّـا".

 

27 فَأجَابُوا وقَالُوا لِيَسُوع: "لا نَعلَم!". قَالَ لَهُم هُو أيضًا: "ولا أنَا أقولُ لَكُم بِأيِّ سُلطانٍ أفعَلُ هذا.

 

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 أعطي لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل "التينة اليابسة والصّلاة بإيمان" (18 - 22)؛ له نصّ موازٍ في مرقس (11: 12 - 20، 14 - 25)، حيث يتفرّد مرقس بالقول إنّه "لم يكن أوان التين"، مشدّدًا هكذا على أنّ يسوع قد يبّس التينة، إنذارًا بقصاص شعب الله، الذي كان عليه أن يعطي ثمرًا في أيّ وقت يجيء الربّ إليه (راجع متّى 21/ 19، حيث القول بأنّه كان على التينة ورق فقط!)؛ والثاني "سلطان يسوع" (23 - 27)؛ وله شرح في زمن الميلاد - مولد يوحنّا - الخميس.

 

 

 حول العنوان الأوّل (18 - 22

 

التينة غير المثمرة هي، في تقليد الأنبياء، رمز إلى الشعب الذي لا يؤمن بمسيحه؛ قام يسوع، عندما يبّس التينة، بفعل نَبَوِيّ، إنذارًا بدمار أورشليم وهيكلها، ونبذًا للشعب الذي لم يؤمن (متّى 24: 15)؛ بالإضافة إلى ذلك، وعلى ضوء ما جاء في جواب يسوع على تعجّب التلاميذ، صار هذا الحدث دليلاً على مفعول الصّلاة بإيمان: ما فعله يسوع بالتينة، يفعل مثله وأكثر منه كلّ مؤمن حقيقيّ، كلّ مَن له إيمان صافٍ، غير مرفَق بالشكّ؛ فصاحب مثل هذا الإيمان ينقل الجبال، وينال كلّ ما يطلب بالصّلاة.

 

 

 أفكار حول الآية (22)

 

في هذه الآية ثلاث كلمات: طلب، صلاة، إيمان.

 

 الربّ يريد أن نطلب منه؛ هو يعرف حاجاتنا، ويعتني بنا؛ ولكن، لا نكون نحن ذاتنا إلاّ بمقدار ما نختار ما نريد، ونعمل على تنفيذه، ونطلب من الربّ، حين لا نحصل بقوانا نحن!

 

الصلاة؟ هي اتّصال بالله، وحوار معه، وجلوس إليه! لماذا "في الصلاة"، وليس "بالصلاة؟" لأنّ الصلاة قد لا تكون طلبًا؛ ولا تكون الصلاة فعّالة من دون إيمان؛ بل هي إيمان وتعبير له! ولكنها قد تصبح ضدّ الإيمان أو بمعزل عنه: كيف؟ ومتى؟

 

 

 الإيمان هو الأساس هو الذي يحملنا على الصلاة؛ وهو الذي يجعل صلاتنا فعّالة؛ إنّه البُعد الأهمّ عند الإنسان؛ مع أنّه الأضعف في حياة الأكثريّة السّاحقة من الناس، وخلال الفترة الأَطوَل من حياتهم! هنا مأساة الإنسان الكبرى، وحده رجل الإيمان يتخطّى هذه المأساة، ويكون له الخلاص.

 

 

 وحول العنوان الثاني (23 - 27) جاء يسوع إلى الهيكل، وبينما هو يعلّم، دنا منه الأحبار وشيوخ الشعب، وسألوه عن مصدر السلطان الذي يخوّله أن يعلّم، وأن يفعل ما كان يفعله؛ فاشترط يسوع، للجواب على سؤالهم، أن يجيبوه، هُم أوّلاً، على سؤال طرحه عليهم حول مصدر معموديّة يوحنّا المعمدان، فتشاوروا وأجابوه: "لا نعلم!"؛ فقال لهم، وأنا أيضًا، "لا أقول لكم بأيّ سلطان أفعل هذا!"؛ لم يكن تصرّف يسوع هذا تهرّبًا من الجواب، بل كان إحراجًا لسائليه أمام الشعب، علّهم ينقادون، بهذه الطريقة، إلى الإيمان.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

  شرح عبارات وكلمات

 

 

جاع (18)

 

هكذا دلّ الإنجيليّ على أنّ يسوع إنسان حقيقيّ.

 

 الأوراق (19)

 

ترمز أوراق (التينة) إلى أبنية الهيكل، التي حكم عليها يسوع بقوله: "لن يترك هنا حجر على حجر إلاّ ويُنقَض" (24: 2).

 

 

 يبست التينة حالاً (19 - 22)

 

حكم يسوع على التينة، عندما لم يجد فيها ثمرًا؛ وحكمه هذا فعل نَبَويّ يجعل من التينة اليابسة رمزًا لجماعة عقيمة بالإيمان، يجب أن تقطع؛ الإيمان وحده يخلق شعبًا جديدًا، يكون حسب قلب الله (راجع مر 11: 14).

 

 

 

 

 طرحت في الآيات (23 - 27)، بشكل هجوميّ، مسألة حاسمة، مسألة سلطة يسوع: "دنا منه الأحبار وشيوخ الشعب، وقالوا له: بأيّ سلطان تفعل هذا؟ ومَن أعطاك هذا السلطان؟" (23)؛ لا يتحدّث السؤال عن سلطة فَرديّة، ولا عن سلطة خارقة، بل عن ينبوع هذه السلطة الواقعيّة: أهو الله، أم الشيطان، أم البشر؟ وهل ترتبط سلطته بشخصه؟ فأجابهم يسوع بسؤال، هو عالم أنّهم لا يجسرون على الجواب، ولم يجبهم، إذا اعتبر بأنّه يكفي أن يروا ليفهموا أنّ سلطته من الله، وبأنّها مرتبطة بشخصه.

 

 

 تجدر الإشارة إلى أنّ الهيكل كان يضمّ عدّة أروقة: رواق الكهنة ورواق الرجال ورواق النّساء وأخيرًا رواق الوثنيّين؛ كان هذا الأخير هو الأوسع، وكان كساحةٍ عامّةٍ تناقَش فيها الأمور الإجتماعيّة والسياسيّة والدينيّة؛ في هذا الرواق الأخير، كان يسوع يعلّم.

 

 

 

                                                                     الأب توما مهنّا