الإثنين الثاني من الصوم الكبير «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 6: 22-24)

 

 

 

 

 

22 سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العَين. إنْ كَانَت عَينُكَ سَلِيمة، فَجَسَدُكَ كلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا.

 

23 وإنْ كَانَت عَينُكَ سَقِيمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِمًا. وإن كَانَ النُّورُ الَّذي فِيكَ ظَلَامًا، فَيَا لَهُ مِن

 

ظَلَام!

 

24 لا يَقدِرُ أحَدٌ أن يَعبُدَ رَبَّين. فإمَّا يُبغِضُ الوَاحِدَ ويُحِبُّ الآخَر، أو يُلَازِمُ الوَاحِدَ ويَرذُلُ الآخَر. لا

 

تَقدِرُونَ أن تَعبُدُوا الله والمال.

 

 

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل "العين سراج الجسد" (22-23)؛ له نصّ موازٍ في لوقا (16: 34-36)؛ والثاني "الله والمال" (24)؛ له نصّ موازٍ في لوقا (16: 13)، وأُعطيَ لهذا النصّ في "كتاب القراءات"، الشرح التالي هنا تركيز على سلامة العين الروحيّة بنظرة إيمانيّة صحيحة، وصلة روحيّة بالله وبالناس صافية، وعلى حرّيّة القلب من حبّ المال.

 

 

 الآيتان (22-23)

 

كما السراج في البيت، هكذا العين في الجسد، أي في ما يحقّفه الإنسان ويصير في حياته الزمنيّة؛ فالسراج المضاء، والموضوع حيث يجب، ينير بذاته البيت، فيرى نوره المقيمون في البيت والداخلون إليه؛ أمّا "العين" التي هي السراج المضاء في الإنسان، فقد تكون سليمة، بسيطة، فتنير عندئذٍ بذاتها، وتجعل الجسد، أي ما يحقّقه الإنسان ويصيره، نيّرًا؛ وقد تكون سقيمة، شرّيرة، فلا تعطي نورًا، بل ظلامًا، ويبقى عندئذٍ الجسد، أو كلّ ما يحقّقه الإنسان ويصيره، مظلمًا؛ ينبّهنا الربّ من الوقوع في هكذا مصير مظلم!

 

 

ما هي "العين" السليمة؟ هي، بالمعنى الروحيّ والمقصود هنا، النظر إلى جميع الأمور على نور الإيمان والضمير المستقيم؛ وهي التصرّف بموجب هذه النظرة والرؤية.

 

 

 الآية (24)

 

لدى كلّ إنسان حاجة إلى أن يعبد الله، الذي تصوّره في تفكيره، وجسّده في أشكال متنوّعة عبر التاريخ، والذي تعرّف عليه في الكتب المقدّسة، وفي الأديان الوضعيّة؛ ولكنّ الله، في تفكير الإنسان وفي تجسيداته له، وفي معرفته له بالكتب المقدّسة عن اختلافها، ما زال غائبًا، بعيدًا، غير محسوس؛ إنّه، في كلّ الأحوال، من عالم آخر غير عالم الإنسان الحاضر.

 

لذلك، انقاد الإنسان، ولا يزال منقادًا، بالفعل أقلّه، إن لم يكن بالنظر أيضًا، إلى استبدال الله بالمال، أو بما يثمَّن بمال، أي بالخير المتوفّر في هذه الدنيا، والذي يتيح لصاحبه، لا تلبية حاجة العيش والرفاهيّة فحسب، بل تلبية باقي الحاجات لديه، وبخاصّة حاجة التسلّط والسيطرة على العالم وعلى الآخرين؛ صاحب المال هو بماله، منازع الله الأكبر في السيطرة على العالم؛ فيتنصّب لديه المال، كانّه إله؛ فينشغل به ويسعى إليه ويتمسّك به، إذا ما اقتناه، وهكذا يتحوّل شيئًا فشيئًا، إلى متعبّد له، فاقدًا الحاجة إلى الله، وبالتالي التعبّد الحقيقيّ والواجب له.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

"العين"؟

 

تدلّ العين، هنا، على الجسد كلّه: إذا كانت سليمة، بسيطة، لا تعقيد فيها، بل مفتوحة على الله وشريعته، يكون الإنسان كلّه في النور؛ أمّا إذا كانت مريضة، شريرة، فتجعل نظرتنا إلى الأمور خاطئة، وتوقعنا في الظلام؛ فكما القلب يدفعنا إلى اختيار كنوزنا، كذلك العين توجّه خطانا.

 

 

 المال؟ حرفيًّا "مامون"، مأمون، من فعل أَمَّنَ، ما يمكن أن نستند إليه؛ مَا أو مَن يؤمّن لنا حياتنا، نعتبره بسهولة إلَهًا، ونتعبّد له.

 

 

 

 

الأب توما مهنّا