الأربعاء من أسبوع الأبرار والصديقين «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (متى 5/ 17-20)

 

 

17 لا تَظنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ التّوراةَ أو الأنبياء. ما جِئتُ لأُبطِل، بل لأُكمِّل.

 

18 فالحَقَّ أقولُ لكُم: قبلَ أن تزولَ السّماءُ والأرض، لن يزولَ مِن التّوراةِ ياءٌ أو نُقطة، حتّى يتِمَّ كلُّ شيء.

 

19 مَن أبطَلَ واحِدَةً مِن تِلكَ الوصايا الصُّغرى، وعلّمَ النّاسَ أن يفعلوا هكذا، يُدعى الأصغَرَ في ملكوتِ السّماوات. وأمّا مَن يَعمَلُ بِها ويُعلّمُها فهو يُدعى كبيرًا في ملكوتِ السّماوات.

 

20 فإنّي أقولُ لكُم: إنْ لم يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتبَةِ والفرّيسيّين، فلن تَدخلوا ملكوتَ السّماوات.

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 أعطِيَ لنصِّ هذا اليوم العنوان التالي "يسوع يُكمّل التوراة" (في "الترجمة الليتورجيّة" وفي "إوَنجليون")، أو "الشريعة" (في "قراءة رعائيّة")؛ يتفرّد متّى بهذا النصّ الذي لا نصَّ موازٍ له في الأناجيل الأخرى؛ يُمكن اختصار مضمون هذا النصّ بالآتي. برنامج ملكوت الله، الذي أتى به يسوع، لا يُلغي برنامج ملكوت الله القديم، بل يُكمّله ويُطوّره، حتّى يبلغ به إلى المُستوى الرّوحانيّ الأرفع (5/ 48)؛ لذلك، تصلح الآية 17 أن تكون عنوانًا للإنجيل بحسب متّى، وشِعارًا ليسوع مُعطي الإنجيل بدل التوراة.

 

 

 الآيتان (18- 19)

 

يحذّر يسوع من المسّ بالتوراة، مِن إزالة ياء أو نقطة منها، مِن إبطال أيّة وصيّة من وصاياها، حتّى الصّغرى، ويؤكّد على أنّ كلّ ما جاء فيها سوف يتمّ قبل أن تزول الأرض وسماؤها، وينتهي العالم. ويصف بالكبير، في ملكوت السّماوات، مَن يعلّمها ويعمل بها، وبالأصغر، في ملكوت السّماوات، مَن يتّخذ الموقف المعاكس، ولو بالنسبة إلى بعض ما جاء فيها.

 

 الآية (20)

 

ومع ذلك، ينبّه يسوع تلاميذه والمؤمنين به، إلى أنّ البِرّ المُكتسَب مِن العمل بالتوراة ومن تعليمها، كبِرّ الكتبة والفرّيسيّين، ليس بكافٍ لدخول ملكوت السّماوات؛ بل عليهم، بالأحرى، الأخذ بالجديد الذي أتى هو به، والذي تستدعيه التوراة بذاتها، والذي به تتكمّل وتتمّ؛ لأنّ "البِرّ" الحاصِل من العمل بالتوراة المكمَّلة والمتمَّمة بالإنجيل، ومن تعليم ذلك، يوصل إلى ملكوت السّماوات.

 

 

ثانيًا قراءة رعائيّة

 

 

 الآية (17)

 

كمّل يسوع الشّريعة بمعنى أنّه أوصلها إلى كامل مدلولها؛ تعمّق فيها، فما ظلّ على مُستوى اعترافٍ خارجيّ بها، وطاعةٍ شكليّةٍ لها، بل عاد إلى مبادرتها الأساسيّة وفرائضِها.

 

 يسوع ضدّ التعلّق الأعمى بالشّريعة، ضدّ ما يُمكنُ أن نسمّيه "الشريعانيّة" التي تحمل المراءاة والتهرّب الكاذب مِمّا يطلبه الله...؛ هذه طريقة باطلة وفارغة في حفظ الشرائع الخارجيّة... (يصفّون البعوضة ويبلعون الجمل!)، في حفظ حرف الشريعة، وتجاهل روحها.

 

 يرفض يسوع تفسير الفرّيسيّين والكتبة للشريعة، ونظرتهم إلى البرّ بأعمال الشريعة، ويكرز بالبِرِّ الذي يأتي عبر الإيمان به، والأعمال، عبر نظرته الجديدة إلى الشريعة التي يكمّلها بمجيئه وبشارته.

 

 

الأب توما مهنّا