الأربعاء السادس من زمن القيامة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو 11: 32-44)

 

 

32 وما أن وَصَلَت مَريَم إِلى حَيثُ كانَ يسوع، ورَأَته، حتَّى ارتَمَت على قَدَمَيه، وقالَت له: "يا ربّ، لو كُنتَ هُنا، لَما مات أَخي".

 

33 فلَمَّا رآها يسوعُ تَبكي، واليهود الآتينَ مَعَها يَبكونُ، ارتَعَشَ بالرُّوحِ واضطَرَبَ.

 

34 ثُمَّ قالَ: "أَينَ وَضَعتُموه؟" قالوا لَه: "يا رَبّ، تَعالَ وانظُر".

 

35 فدَمعَت عَيْنا يسوع.

 

36 فقالَ اليَهود: "اُنظُروا كَم كانَ يُحِبُّهُ!".

 

37 لكنَّ بَعضَهُم قالوا: "أَما كانَ يقدِرُ هذا الَّذي فَتَحَ عَينَيِ الأَعمى أَن يَحولَ أيضًا دُونَ مَوتِ لَعازَر؟".

 

38 فجاءَ يسوعُ إلى القبر، وهو ما زالَ مُرتَعِشًا. وكانَ القبرُ مَغَارَةً، وقَد وُضِعَ عَلَيهِ حَجَر.

 

39 قالَ يسوع: "إِرفَعوا الحَجَر". قالَت لَه مَرْتا، أُختُ المَيْت: "يا ربّ، لقَد أَنتَن، فهذا يَومُهُ الرَّابع".

 

40 قالَ لَها يسوع: "أَما قُلتُ لَكِ: إِذا آمَنتِ تَرينَ مَجدَ الله؟".

 

41 فرَفَعوا الحَجَر. ورفَعَ يسوعُ عَينَيهِ إلى فَوق، وقال: "يا أَبَتِ، أشكُرُكَ لأنَّكَ استَجَبتَني!

 

42 وأنا كُنتُ أعلَمُ أَنَّكَ دائمًا تَستَجيبُني، إنَّما قُلتُ هذا مِن أَجْلِ الجَمْعِ الواقِفِ حَولي، لِيُؤمِنوا أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني".

 

 43 قالَ يسوعُ هذا، وصَرَخَ بِصَوتٍ عَظيم: "لَعازَر، هَلُمَّ خارِجًا!".

 

44 فخرَجَ المَيتُ مَشدودَ الرِجلَينِ واليَدَينِ بلَفائِف، ومَعصوبَ الوَجه  بمِنْديل. قالَ لَهم يسوع: "حُلُّوهُ، ودَعوهُ يَذهَب!".

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

ما أن أعلمت مرتا أختَها مريم بوصول يسوع، حتّى قامت هذه وخرجت مسرعةً من البيت لملاقاته، وهي تبكي، وتبعها اليهود الذين كانوا معها في البيت؛ وما أن رأت يسوع، حتّى ارتمت على قدميه وقالت له ما قالته له أختُها مرتا قبلها: "يا ربّ، لو كنت هنا، لَما مات أخي!"

 

 

رأى يسوع بكاءها وبكاء اليهود الذين تبعوها، فارتعش بالرّوح واضطرب، وسأل: "أين وضعتموه؟"؛ وما إن نظر إلى القبر-المغارة حتّى دمعت عيناه، فلاحظ اليهود ذلك، ورأوا فيه تعبيرًا عن حبّ يسوع الكبير لِلعازر، ما حملهم على التساؤل عمّا منعه من الحؤول دون موته! ثمّ أمر يسوع أن "ارفعوا الحجر"؛ لكنّ مرتا ذات الطبع العَمَليّ استرعت الانتباه وقالت: لقد أنتن! ما جعل يسوع يذكّرها من جديد بأنّ عليها أن تؤمن!

 

 

رفع يسوع عينيه إلى فوق، وشكر الله، كعادته قبل صنع آية، كآية تكثير الخبز مثلًا (6: 1)، الذي أرسله والذي يستجيبه، وذلك أمام الجمع لكي يؤمنوا، وصرخ بصوت عظيم: "لعازر، هلمّ خارجًا!"؛ ثمّ أمر بأن: حُلّوا يديه ورجليه واكشفوا عن رأسه، ودعوه يذهب.

 

 

تجدر الإشارة، أوّلًا، إلى أنّ يوحنّا يذكر أن عَينَي يسوع دمعتا حين وقف أمام قبر لعازر (11: 35)، وإلى أنّ لوقا يذكر أيضًا أنّ يسوع بكى حين رأى مسبقـًا دمار أورشليم (19: 41)؛ وتجدر الإشارة، ثانيًا، إلى أنّ الإنجيليّ أراد، بإيراد شفاء الأعمى (الفصل 9)، هنا، الربط بين الآيتين، لأنّ يسوع هو نور الحياة.

 

 

 

ثانيًا  "قراءة رعائيّة"

 

 

يمكن أن يكون ارتعاش يسوع واضطرابه متسبِّبًا من بكاء مريم والباقين، الدّال على عدم إيمان أو عدم الرّجاء بالقيامة؛ في هذا المجال، يقول يوحنّا الذهبيّ الفمّ إنّ بكاء النساء قرب الميت، غالبًا ما يدلّ على أنّهنّ نسين حقيقة القيامة.

 

 

دمعت عينا يسوع (35)

 

يُرينا يسوع ذاته، هنا، في طبيعته البشريّة العميقة؛ إنّه لا يتظاهر، بل هو إنسان حقًّا، إنّه بشر مثلنا؛ وهذا ما تقوله الرّسالة إلى العبرانيّين (5: 7؛ 12: 17).

 

 

شرح عبارات وكلمات

 

لو كنتَ هنا (32)

كلّمت مريم يسوع كما كلّمته مرتا، وأضافت السّجود والعبادة.

 

هذا الذي فتح عينيّ الأعمى (37)

 

كان موقف النّاس كموقف مريم ومرتا: بما أنّ يسوع شفى الأعمى (الفصل 9)، فلا حدّ لسلطانه، باستطاعته إذن أن يحول دون موت لعازر.

 

 

الأب توما مهّنا