إثنين أسبوع النسبة «الإنجيل

 

إنجيل اليوم (يو8/ 1-11)

 

 

1 أمّا يسوع فمضى إلى جبل الزّيتون.

 

2 وعند الفجر، عاد إلى الهيكل. وكان الشّعب كلّه يأتي إليه، فجلس يعلّمهم.

 

3 وأتاه الكتبة والفرّيسيّون بامرأةٍ أُمسكت وهي تزني، وأقاموها في الوسط،

 

4 وقالوا له: يا معلّم، هذه المرأة أُمسكت في زنىً مشهود.

 

5 وفي التّوراة، أوصانا موسى برجم أمثالها. وأنت، فماذا تقول؟".

 

6 قالوا هذا ليجرّبوه، فيكون لهم ما يشكونه به. أمّا يسوع فأكبّ يخطّ بإصبعه على الأرض.

 

7 ولمّا استمرّوا يسألونه، وقف وقال لهم: "من هو فيكم بلا خطيئة، فليبدأ ويرمِها بحجر!".

 

8 ثمّ أكبّ وعاد يخطّ في الأرض.

 

9 ولمّا سمعوا، بدأوا يخرجون واحدًا فواحدًا، وكبار السنّ أوّلاً. وبقيَ يسوع وحده، والمرأة قائمةٌ في الوسط.

 

10 فوقف يسوع وقال لها: "يا امرأة، أين هم؟ أما دانك أحد؟".

 

11 قالت: "لا أحد، يا سيّد". فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي، ولا تعودي تخطأين بعد الآن".

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 أُعطيَت حول هذا النصّ، الملاحظة التالية هذا المقطع، مبنًى ومعنًى، لوقانيّ، لا يوحنّويّ. فإنّه لم يرِدْ في المخطوطات اليوحنّويّة البرديّة والجلديّة الكبرى؛ وبعض المخطوطات تلحقه بلوقا (21: 38)؛ لكنّه في إطاره الحاليّ، يقدّم للفصل الثامن في نقطتين: الدّينونة والخطيئة.

 

 

   الآية (2)

 

ها هو يسوع يعود إلى الهيكل، ويجلس معلّمًا، ويتابع تعليم الشّعب؛ قام بذلك في اليوم السّابق (يو7: 40-53)، وحمل الكثيرين من سامعيه من جهّة، على التعرّف إليه، فقال بعضهم: "حقًّا، هذا هو النبيّ" المنتظر، وقال البعض الآخر: "هذا هو المسيح"؛ كما حمل الحرّاس الذين أرسلوا للقبض عليه، على الإعجاب بتعليمه، فشهدوا له أمام الأحبار والفرّيسيّين مرسليهم، بقولهم: "ما تكلّم إنسان يومًا مثل هذا الإنسان!"؛ وأثار بتعليمه، لدى آخرين من جهّة أخرى، اعتراضًا على "هويّته" المقترحة أعلاه، لمجرّد كونه أصلاً من الجليل (راجع1: 46)، وعلى تعليمه الذي لا يتوافق مع تعاليم التوراة، والذي بالتّالي لم يحمل الرؤساء والفرّيسيّين على الإيمان به.

 

 

    الآيات (3- 6)

 

لذلك، أتى الكتبة والفرّيسيّون يسوعَ ليجرّبوه بامرأة أُمسكت وهي تزني، فواجهوه هكذا، لا بتعاليم وآراء، بل بحادث زنىً مشهود، يوصي موسى في التوراة برجم من يُمسَك فيه، وسألوه: "وأنت، فماذا تقول؟"، متوقّعين منه، هو الذي لم يروا لديه غير العطف والرّحمة، جوابًا بالضرورة مخالفًا لما أوصى به موسى، فيشكونه به.

 

 

 الآيات (6- 9)

 

لم يعطهم يسوع جوابًا، بل انكّب يخطّ بإصبعه على الأرض! وعندما ألحّوا عليه بالسؤال: وقف وقال لهم متحدّيًا: "من هو فيكم بلا خطيئة، فليبدأ ويرمِها بحجر!"، معلنًا لهم هكذا عن تمسّكه بوصيّة موسى، وعن كون تطبيقهم لها، وهم الخطأة، هو في الواقع نقض لها! ما إن سمعوا ذلك وقرأوا على الأرض أحداثًا خاصّة بكلّ منهم كالمرأة الزانية، حتّى انسحبوا وتواروا عن بصر يسوع وعن بصر المرأة.

 

 

  الآيات (9-11)

 

وهكذا استردّ يسوع من هؤلاء جميعًا، وبخاصّة من كبار السّن فيهم، ما ادّعوه لهم من حقّ الدينونة، الخاصّ حصرًا به، وبقيَ وحده والمرأة المُشتكاة، قائمة أمامه في الوسط! فسألها يسوع، وجعلها تعي واقع حالها، الذي هو واقع حال كلّ ٍ منّا: لا حقّ لأحد بالدينونة على أحد؛ فحقّ الدينونة خاصّ به، ومحصور فيه دون سواه؛ وهو لا يدين هنا، بل يأمر كلاًّ منّا بمتابعة المسيرة على دروب هذه الحياة الدنيا، بالتوبة: معترفًا بخطاياه، (وقاصدًا) دومًا تجنّبها بعد الآن (راجع حز 18: 23، 33: 11؛ مز 103: 8، 13- 14).

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 نستطيع أن نوجز مضمون هذا النصّ بالعبارة التالية الله لا يريد أن يموت الخاطئ، بل أن يعود إليه ويحيا (حز 18: 23)؛ حارب يسوع الشرّ في الذين استعبدهم الشرّ، واهتمّ بالذين اعتبرهم المجتمع خاطئين؛ لم يرتبط يسوع في ذلك، بمقولات معلّبة في الحكم على الأشخاص الذين التقى بهم (راجع متّى 9: 9-17)، بل حاول أن يُدرك، بنظر الله المحبّ الحقيقة العميقة، لدى كلّ واحدٍ، داعيًا إيّاه إلى التوبة.

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

 جبل الزيتون (1)

 

يقع شرقيّ أورشليم، ومنه يرى الهيكل في بهائه.

 

 وهي تزني (3)

 

هل زنت وحدها؟ أين شريكها؟ أم هو الضعيف، يُمسَك دومًا، ويُترَك القويّ! المهمّ لدى المتّهمين الإيقاع بيسوع وإحراجه (6)؛ فما احترموا تلك المرأة، بل أذلّوها، إذ كان باستطاعتهم أن يحتفظوا بها، ويسألوا يسوع رأيه دون أن يقدّموها أمام الجميع!

 

 

 "ولا أنا أدينك" (11)

 

هذا ما قاله يسوع للمرأة، بعد أن تحوّل هؤلاء (الخطأة) عن إدانتها؛ لكنّه دعاها إلى أن لا تخطأ بعد الآن.

 

 الآية (5)

 

حرّف الكتبة الشّريعة التي لا تقول برجم المرأة الزانية إلاّ إذا كانت عذراء (تث 22: 23-24)، والتي تقول أيضًا برجم الرّجل شريكها (لا20: 10).

 

 

  الآية (6)

 

يسوع في موقف حرج: إذا رفض الرّجم بدافع الرّحمة التي ينادي بها، عارض شريعة موسى، وأعطى اليهود ما يشكونه به؛ وإذا قبل بالرّجم عارض الرّومان الذين لا يسمحون لليهود بأن يحكموا بالإعدام على أحد (يو18: 31) كما عارض دعوته إلى الرّحمة لذلك، اعتبر الشرّاح هذا النصّ جزءًا من إنجيل لوقا، إنجيل الرّحمة.

 

 

   الآيات (7-9)

 

من هو فيكم بلا خطيئة؟ هكذا نقل يسوع المسألة من امرأة وحيدة خاطئة، إلى جمع كلّه خاطئ، ومنهم الفرّيسيّون والكتبة؛ أرادوا أن يُحرجوه، فأحرجهم! "ما بالك تنظر إلى القشّة في عين أخيك، ولا تبالي بالخشبة في عينيك" (متى7: 13)، ففهموا أنّهم كلّهم خطأة؛ بينما هو يستطيع أن يقول: "من منكم يوبّخني على خطيئة؟" (8: 46).

 

 

الأب توما مهنّا