أربعاء أسبوع بشارة زكريّا «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو8/ 41-45)

 

 

41 أنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له: "نحن لم نولد من زنى!

 

لنا أبٌ واحدٌ هو الله!.

 

42 قال يسوع: "لو كان الله أباكم لأحببتموني، لأنّي أنا من الله خرجت وأتيت. وما من تلقاء نفسي أتيت، بل هو أرسلني.

 

43 لماذا لا تفهمون كلامي؟ لأنّكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي!

 

44 أنتم من أب هو إبليس، وتريدون أن تعملوا بشهوات أبيكم، ذاك الّذي كان منذ البدء قاتل النّاس، وما ثبت في الحقّ، لأنّه لا حقّ فيه. عندما يتكلّم بالكذب يتكلّم بما لديه، لأنّه كذّابٌ وأبو الكذب.

 

45 أمّا أنا، فلأنّي أقول الحقّ، لا تصدّقونني.

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

الآية (41)

 

بعد أن أثبت يسوع لليهود من جهّة، أنّهم ليسوا أولاد إبراهيم، لأنّهم يعملون ما لا يعمله، وما لا يمكن أن يعمله إبراهيم، وبعد أن عاد وقال لهم من جهّة أخرى، "أنتم تعملون أعمال أبيكم"، وقد رأى هؤلاء اليهود في كلامه هذا، أقلّه ضمنًا، اتّهامًا لهم بالخيانة، أي بعدم الأمانة لشريعتهم، اتّخذوا منه موقف الدفاع، معلنين عن رفضهم لمثل هذه التهمة، ومعبّرين عن رفضهم هذا بقولهم: "نحن لم نولد من زنى" (41)، ومشدّدين على الأصالة في إيمانهم اليهوديّ، وبالتالي على أنّ لهم "أب واحد هو الله" (41).

 

 

 

الآيتان (42-43)

 

فكان على يسوع هنا أيضًا، أن يثبت لهم بأنّ أباهم ليس الله إن على مستوى الفعل أو الإيمان، كما سبق وأثبت لهم أنّ إبراهيم ليس أباهم بالإيمان، بل هو أبوهم فقط بالجسد؛ ويبدو أنّ أمر الإثبات هذا كان أسهل على يسوع من ذاك، لأنّ القول يتناوله مباشرة.

 

لذلك رفض يسوع قولهم، ولكنّه انطلق منه كافتراض، لكي يثبت عدم صدقه بعدم حصول نتائجه الضروريّة، قال: "لو كان الله أباكم...، لو كان قولكم هذا صحيحًا، لعرفتموني بالضّرورة، ولأحببتموني، لأنّي أنا في الله، وقد خرجت منه، وأتيت إلى العالم؛ لم آتِ إلى العالم من تلقاء نفسي، بل الله أرسلني لكي أحقّق وعده بالخلاص.

 

وتساءل يسوع أمامهم بحزن، قائلاً: "لماذا لا تفهمون كلامي؟ لماذا لا تقدرون أن تسمعوا أقوالي؟ وكأنه بذلك يعدهم، بل يهدّدهم بالكشف عن حقيقتهم، وهذا ما سيحدث.

 

 

الآيتان (44-45)

 

يصف يسوع موقف اليهود منه بالعبارات التّالية: إنّكم لا تفهمون كلامي؛ إنّكم لا تقدرون أن تسمعوا أقوالي؛ إنّكم لا تصدّقونني؛ إنّكم لا تثبتون في كلمتي ولا تصيرون حقًّا تلاميذي؛ ذلك، لأّنّ أباكم ليس إبراهيم: "لأنّه لو كنتم تعملون أعمال إبراهيم" (39)؛ ولأنّ أباكم ليس الله، "لأنّه لو كان الله أباكم لأحببتموني" (42).

 

إذن، أنتم من أبٍ آخر، غير إبراهيم، وغير الله، هو إبليس (44) الذي هو، منذ البدء "قاتل الناس"؛ وغير ثابت في الحقّ، لأنّ لا حقّ فيه؛ ويتكلّم بالكذب، لأنّ الكذب فيه، هو كذّاب وأبو الكذب (44)؛ وقد يكون تمسّككم الشّديد بالشّريعة، قد أدّى بكم إلى هذه المواقف، وحملكم إلى إحلال الشّريعة – الحرف محلّ الله، فوقعتم في الخطيئة، وحِدْتُم عن خطّ الإيمان المنحدر من إبراهيم، والمؤدّي إلى الآتي المنتظر الذي هو أنا، والذي يقول الحقّ، وابتعدتم عن الله، وخرجتم عن عبادته، والتزمتم العمل بشهوات أبيكم إبليس.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

الآية (42)

 

إذا كان الله أباهم، فهو أيضًا وبشكل سامٍ جدًّا أبو يسوع؛ ومع ذلك، لم يقبلوا أن يكونوا إخوته (أو تلاميذه).

 

 

الآية (43)

 

لا يريد اليهود أن يسمعوا، وإذا سمعوا فلا يريدون أن يفهموا: هذا هو منتهى العمى؛ إنّهم من حزب إبليس، يفضّلون أن يسمعوا كلام إبليس (44).

 

 

الآيتان (44-45)

 

منذ البدء، كان إبليس قاتلاً، وهو يتابع عمله بواسطة اليهود الذين هم أداة له تجاه يسوع؛ وكان إبليس أيضًا كاذبًا، فاليهود الذين يصادقونه يصبحون كاذبين مثله، ويفقدون القدرة على المجيء إلى الحقّ.

 

 

الأب توما مهنّا