لقاء البابا سلطات موزمبيق والسلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني «متفرقات

 

 

 

 

التقى قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر يوم الخميس في القصر الرئاسي في العاصمة الموزمبيقية مابوتو سلطات البلاد وأعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني. وبدأ كلمته موجهًا الشكر لرئيس موزمبيق على كلمته وعلى دعوته لزيارة البلاد. ثم أعرب الأب الأقدس عن سعادته لوجوده مجددًا في القارة الافريقية ولبدايته زيارته الرسولية في هذا البلد المبارك بجماله الطبيعي وغناه الثقافي والذي يمنح، وإلى جانب ما يميز هذا الشعب من بهجة عيش الحياة، الرجاء في مستقبل أفضل.

 

 

 

وعقب تحية جميع المشاركين في اللقاء أكد البابا فرنسيس رغبته في أن تكون أولى كلمات القرب والتضامن موجهة إلى مَن عانوا مؤخرا من الأعاصير والتي تواصل تبعاتها المدمرة تثقل كاهل عائلات كثيرة وخاصة في الأماكن التي لم يكن ممكنا فيها إعادة البناء. وأكد قداسته لهؤلاء الأشخاص أنه لن يتمكن للأسف من التوجه إليهم بشكل شخصي إلا أنه يقاسمهم الهم والألم وأيضًا التزام الجماعة الكاثوليكية في مواجهة هذا الوضع الصعب. أكد قداسته أيضًا تضرعه كي لا يغيب اهتمام جميع الجهات المدنية والاجتماعية كي تضع الشخص في المركز وتتمكن من القيام بإعادة البناء الضرورية.

 

 

 

ثم واصل الأب الأقدس معربًا عن التقدير، وذلك أيضًا باسم الجزء الأكبر من الجماعة الدولية، للجهود المبذولة على مدار عقود كي يعود السلام ليصبح الوضع الطبيعي، والمصالحة أفضل الطرق لمواجهة ما تلقى الأمة من صعاب وتحدّيات. وذكّر البابا فرنسيس في هذا السياق بالإتفاق الذي تم التوصل إليه قبل قرابة الشهر لإنهاء القتال المسلح بين الأخوة، وحيا قداسته هذه الخطوة الهامة على درب السلام لأشخاص شجعاء والمنطلقة من اتفاق سنة 1992 في روما.

 

 

 

وواصل أن هذا الاتفاق التاريخي قد أعطى براعمه الأولى التي تدعم الرجاء وتمنح الثقة كي لا يُكتب التاريخ بقتال الأخوة بل باعتبار الآخرين أخوة أبناء الأرض ذاتها والمسؤولين عن مصير مشترك. وذكّر قداسة البابا فرنسيس هنا بكلمات القديس البابا بولس السادس في رسالته لمناسبة اليوم العالي للسلام 1973 حين تحدث عن شجاعة السلام، شجاعة تتحقق بالسعي بلا كلل إلى الخير العام. وواصل الأب الأقدس أن شعب موزمبيق قد عرف المعاناة والحزن لكنه لم يرغب في أن يكون الانتقام معيار العلاقات الإنسانية أو أن تكون الكلمة الأخيرة للكراهية والعنف. وذكّر البابا فرنسيس هنا بحديث القديس البابا يوحنا يولس الثاني إلى رئيس موزمبيق خلال زيارته الرسولية هذا البلد سنة 1988 حين شدد على تبعات العنف الأليمة مؤكدا: لا للحرب، نعم للسلام.

 

 

 

 

توقف الحبر الأعظم بعد ذلك للحديث عن البحث عن السلام، وهو ما اختبرته موزمبيق، والذي هو رسالة يشترك فيها الجميع وعمل شاق لا يتوقف، وذلك لأن السلام "يشبه زهرة هشّة تحاول أن تتفتّح وسط أحجار العنف" (رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي للسلام 2019). وتابع قداسته أن هذا يستدعي مواصلة تأكيد اللا للعنف المدمر، والنعم للسلام والمصالحة وذلك بعزم وشجاعة.

 

 

 

 

ثم ذكَّر البابا فرنسيس بأن السلام لا يعني مجرد غياب الحرب بل الالتزام بلا كلل، وخاصة من قِبل من لديه مسؤوليات هامة، من أجل الاعتراف بالكرامة المنسية والمتجاهَلة غالبا لأخوتنا وضمان هذه الكرامة وإعادة بنائها بشكل ملموس. وأراد الأب الأقدس التذكير بما كتب في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل"، أنه بدون مساواة في الفرص فإن الأشكال المختلفة من العدوان والحرب تجد أرضًا خصبة، ما يؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى الإنفجار، وأنه لا يمكن ضمان الإستقرار في حال نبَذ المجتمع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي جزءًا منه. ("فرح الإنجيل" 59). وواصل الأب الأقدس مشيرًا إلى أن السلام قد مكن موزمبيق من التطور في قطاعات مختلفة مثل التعليم والصحة، وشجع البابا بالتالي على مواصلة تعزيز التركيبات والمؤسسات الضرورية كي لا يشعر أحد بأنه مهمَل، وخاصة الشباب، فهم ليسوا رجاء هذا البلد فقط بل هم الحاضر، وهم في حاجة إلى العثور على دروب كريمة تسمح لهم بتطوير مواهبهم، هم قدرة تُمَكن بذر وإنماء الصداقة الاجتماعية المنشودة.

 

 

 

وواصل البابا فرنسيس متحدثًا عن ثقافة الرجاء التي تتطلب إشراك الأجيال الجديدة، وعلى هذه الثقافة أن تطبع الدرب من خلال الإعتراف بالآخر وإقامة الروابط ومد الجسور. وشدد قداسته هنا على أهمية الذاكرة للانفتاح على المستقبل والبحث عن أهداف وقيم مشتركة وأفكار تساعد على تجاوز المصالح الخاصة، كي يكون غنى هذا البلد في خدمة الجميع وخاصة الأكثر فقرا. وقال الأب الأقدس لممثلي السلطات والسلك الدبلوماسي والمجتمع المدني أن عليهم إتمام مهمة شجاعة وتاريخية، وهي عدم التوقف عن العمل طالما كان هناك أطفال وفتية بلا تعليم، عائلات بلا مسكن، عمال بلا عمل ومزارعون بلا أرض. وقال قداسته إن هذه هي أسس مستقبل رجاء لأنه مستقبل كرامة، هذه هي أسلحة السلام.

 

 

 

إن السلام يدعوكم أيضًا إلى العناية ببيتنا المشترك، واصل البابا فرنسيس مضيفا أن موزمبيق تُعتبر أمة مباركة من وجهة النظر هذه، وأنتم بشكل خاص مدعوون إلى العناية بهذه البركة. أكد قداسته من جهة أخرى أن الدفاع عن الأرض يعني أيضًا الدفاع عن الحياة، وهو أمر يتطلب الانتباه خاصة حين تسود توجهات نحو الاستيلاء والنهب بدافع من الجشع. إن ثقافة السلام تعني تنمية منتِجة ومستدامة وشاملة يمكن لكل موزمبيقي أن يشعر فيها أن هذا بلده، وأن بإمكانه أن يقيم فيه علاقات أخوّة ومساواة مع جاره ومع كل ما يحيط به.

 

 

 

 

وفي ختام كلمته خلال لقائه قبل ظهر يوم الخميس في القصر الرئاسي في مابوتو عاصمة موزمبيق السلطات والسلك الدبلوماسي والمجتمع المدني، قال البابا فرنسيس للحضور إنهم صانعو أجمل ما يمكن القيام به: مستقبل سلام ومصالحة كضمان لحق أبنائهم في المستقبل. ثم تضرع الأب الأقدس إلى الله طالبًا أن يتمكن هو أيضًا، وخلال وجوده في هذا البلد، من المساهمة ومع الأخوة الأساقفة والكنيسة الكاثوليكية، في أن تكون السيادة في هذا البلد وبشكل نهائي للسلام والمصالحة والرجاء. 

 

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.