كلمة البابا قبل صلاة التبشير الملائكي «متفرقات

 

 

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرًا عندما أطلَّ البابا فرنسيس من على شرفة مكتبه الخاصّ في القصر الرسوليّ بالفاتيكان ليتلو مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في السّاحة الفاتيكانيّة صلاة التبشير الملائكيّ كما جرت العادة ظهر كلِّ أحد.

 

 

 

 

قال البابا: إنَّ القدِّيس لوقا البشير(11/ 1 -4) يحدِّثنا في إنجيله عن الظروف التي أحاطت بتعليم يسوع صلاة الأبانا. ولفت إلى أنَّ تلاميذ الرَّبّ كانوا يعرفون كيف يصلّون، إستنادًا إلى التقليد اليهوديّ، لكنَّهم رغبوا في أن يعيشوا هم أيضًا طبيعة صلاة يسوع. فقد لاحظوا أنَّ الصَّلاة هي بُعد أساسيّ في حياة معلّمهم، خصوصًا وأن كلّ نشاط مهمّ قام به كان مطبوعًا بالصلوات الطويلة.

 

 

وقد اندهشوا لمّا رأوا أنّ الرّبّ لا يصلّي كباقي معلّميّ ذلك الزمان، لأنّ صلاته كان عبارة عن رابط وثيق مع الآب، فرغبوا أن يشاركوا في تلك اللّحظات، لحظات الاتّحاد مع الله، كي يتذوّقوا عذوبته على أكمل وجه.

 

 


لذا، وفي يوم من الأيّام، وإذ انتهى يسوع من الصّلاة في مكان منعزل طلبوا منه أن يعلّمهم كيف يصلّون، قائلين: "يا ربّ علّمنا أن نصلّي". وفي إطار استجابته لطلب التلاميذ، لم يعطِ الرّبّ تفسيرًا مجرَّدًا للصَّلاة، ولم يعلّمهم تقنيّة فاعلة تجعلهم يحصلون على شيء ما. فقد دعا خاصَّته لأن يختبروا الصّلاة، من خلال جعلهم يتواصلون مباشرة مع الآب، وأيقظ في داخلهم حنينًا لعلاقة شخصيّة مع الله الآب. وهنا تكمن حداثة الصلاة المسيحيّة! إنّها عبارة عن حوار بين أشخاص يحبّون بعضهم، حوار يرتكز إلى الثقة ويعضده الإصغاء وهو منفتح على الالتزام التضامنيّ. إنّه حوار من الابن نحو الآب، حوار بين الأبناء والآب. هذه هي الصّلاة المسيحيَّة.

 

 


من هذا المنطلق سلّم الربّ لتلاميذه صلاة الأبانا، وقد تكون أثمن عطيّة تركها لنا المعلّم خلال حياته الأرضيَّة! وبعد أن كشف عن سرّه كإبن وأخ جعلنا الرَّبّ ندخل، بواسطة هذه الصّلاة، إلى أبوّة الله، وهذا أمر لا بُدَّ من التأكيد على أهميَّته. وقد دلّنا على الوسيلة التي من خلالها ندخل في حوار مصلٍّ ومباشر معه، عن طريق الثقة البنويَّة. إنّه حوار بين أب وابنه وبين إبن وأبيه. إنّ ما نطلبه في صلاة الأبانا حقّقه الابن الوحيد: تقديس اسم الآب، مجيء ملكوته، هبة الخبز والغفران والنجاة من الشّرير. عندما نطلب ذلك من الله إنّنا نفتح أيدينا لننال منه العطايا التي أظهرها الآب في الابن. إنّ الصَّلاة التي علّمنا إيّاها الرّبّ هي خلاصة كلّ صلاة، ونحن نوجهّها إلى الآب دائمًا في إطار الشّركة مع الإخوة. ولا تخلو الصَّلاة أحيانًا من أمور تحيد الإنتباه عنها، لكن غالبًا ما نشعر بالحاجة إلى التوقّف عند الكلمة الأولى، ألا وهي أبانا، كي نشعر بهذه الأبوّة في قلبنا.

 

 

 


بعدها روى يسوع مثل الصدّيق الذي يصرّ في طلبه ويدعونا لأن نصرّ في صلواتنا. ولفت فرنسيس إلى الأطفال الصغار الذين يطرحون أسئلة بشأن أمور لا يفهمونها. وقال إنّ هذا السنّ يُعرف في بلاده بسنِّ الـ"لماذا"، عندما ينظر الأطفال إلى أبيهم ويسألونه لماذا هذا؟ ولماذا ذاك؟ ويطلبون التفسيرات والإيضاحات. وغالبًا ما يطرحون السؤال التالي في وقت يجيب فيه الآباء على السؤال الأوّل. وهكذا لا يفهمون الأمور بالكامل، ويشعرون بانعدام الثقة حيال مسائل كثيرة. ربّما يريدون أن يستقطبوا اهتمام أبيهم. وإذا ما توقّفنا عن الكلمة الأولى من صلاة الأبانا نقوم بالشيء نفسه كالأطفال. إذ نقول: أبانا، أبانا، لماذا؟ وهو يوجِّه نظره نحونا.

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.