في الحياة اليومية، هل أنا انعكاس للثالوث؟ «متفرقات

 

تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها

 

اليوم، في عيد الثالوث الأقدس، يقدم لنا يسوع في الإنجيل الأقنومين الإلهيين الآخرين، الآب والروح القدس. يقول عن الروح: "لا يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم". ثم يقول عن الآب: "جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي". نلاحظ أن الروح القدس يتكلم، لكن ليس من عنده: هو يعلن يسوع ويُظهر الآب. وأن الآب، الذي يملك كل شيء، لأنه أصل كل شيء، يعطي الابن كل ما يملك: لا يحتفظ بشيء لنفسه ويعطي ذاته بالكامل للابن.

 

 

 والآن لننظر إلى ذواتنا، إلى ما نتكلّم عنه وما نملكه. عندما نتكلّم، نريد على الدوام أن يقول الناس عنا أمورًا جيّدة وغالبًا ما نتكلّم فقط عن ذواتنا وعما نفعله. يا له من فرق مقارنة بالروح القدس الذي يتكلم ويعلن الآخرين! وحول ما نملكه، وكم نحن غيورون عليه وكم هو صعب علينا أن نتقاسمه مع الآخرين، حتى مع الذين يفتقرون إلى الضروري!

 

إنَّ الكلام سهل، ولكن التطبيق هو صعب جدًّا. لذلك فالاحتفال بالثالوث الأقدس ليس تمرينًا لاهوتيًا بقدر ما هو ثورة في أسلوب حياتنا. إنَّ الله، الذي يعيش فيه كل شخص من أجل الآخر، وليس لنفسه، يدفعنا لكي نعيش مع الآخرين ومن أجل الآخرين. واليوم يمكننا أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت حياتنا تعكس الله الذي نؤمن به: أنا، الذي أُعلن إيماني بالله الآب والابن والروح القدس، هل أؤمن حقًا أنه لكي أعيش أنا بحاجة إلى الآخرين، وأنني بحاجة لأن أُعطي نفسي للآخرين، وأنني بحاجة إلى خدمة الآخرين؟ هل أقول ذلك بالكلمات أم في الحياة؟

 

 

 

 هكذا يجب أن نُظهر الله الثالوث والفريد، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، بهذه الطريقة، بالأفعال أولاً قبل الأقوال. إنَّ الله، الذي هو مُبدع الحياة، لا يُنقل من خلال الكتب وإنما من خلال شهادة الحياة. هو، كما كتب يوحنا الإنجيلي "محبة"، ويظهر نفسه من خلال المحبة. لنفكر في الأشخاص الطيبين، الأسخياء، والودعاء الذين التقينا بهم: من خلال تذكرنا لطريقة تفكيرهم وتصرفهم، يمكننا أن نحصل على انعكاس صغير لله-المحبة. وماذا يعني الحب؟ ليس فقط أن نريد خير الآخر ونصنع الخير وإنما أولاً وقبل كل شيء، قبول الآخرين، وإفساح المجال للآخرين ، وإعطاء مساحة للآخرين.

 

 

 لكي نفهم ذلك بشكل أفضل، لنفكر في أسماء الأقانيم الإلهية، التي نلفظها في كل مرة نرسم فيها علامة الصليب: في كل اسم يوجد حضور للآخر. فالآب، على سبيل المثال، لن يكون كذلك بدون الابن؛ هكذا أيضًا لا يمكننا أن نفكِّر في الابن بمفرده، وإنما وعلى الدوام كابن للآب. والروح القدس بدوره هو روح الآب والابن. باختصار، يعلمنا الثالوث أنه لا يمكننا أن نكون أبدًا بدون الآخر. نحن لسنا جزرًا، نحن في العالم لكي نعيش على صورة الله: منفتحون، بحاجة إلى الآخرين وبحاجة إلى أن نساعد الآخرين. لذلك، لنسأل أنفسنا هذا السؤال الأخير: في الحياة اليومية، هل أنا أيضًا انعكاس للثالوث؟ هل تبقى علامة الصليب التي أرسمها يوميًّا مجرّد علامة أم أنها تلهم أسلوبي في الكلام واللقاء والاجابة والحكم والمغفرة؟

 

 

 لتساعدنا العذراء مريم ابنة الآب وأم الابن وعروسة الروح القدس لكي نقبل في حياتنا سرِّ الله-المحبّة ونشهد له.

 

إذاعة الفاتيكان.