عظة قداسة البابا في عيد انتقال مريم العذراء «متفرقات

 

 

 

 

إحتفالاً بعيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السّماء، تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الخميس صلاة التبشير الملائكيّ مع حشد من المؤمنين تجمّعوا في ساحة القدِّيس بطرس وقبل الصَّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة استهلّها بالقول في إنجيل اليوم في عيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السّماء تصلّي العذراء القدِّيسة قائلة: "تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفسي، وَتَبتَهِجُ روحي بِاللهِ مُخَلِّصي". لننظر إلى أفعال هذه الصلاة تُعظّم وتبتهج. يبتهج المرء عندما يحصل أمر جميل جدًا لدرجة أنّه لا يكفي أن يحتفظ به في داخله ولكنّه يشعر بالحاجة ليعبّر عن سعادته بواسطة جسده بكامله فيبتهج عندها. تبتهج مريم بسبب الله. لربما نحن أيضًا قد ابتهجنا بالرب: نبتهج لنتيجة نلناها، أو لخبر جميل، ولكن مريم تعلّمنا اليوم أن نبتهج بالله لأنّه يصنع "أمورًا عظيمة".

 

 

 

 

 

 إن فعل "عظّم" يذكرنا بهذه الأمور العظيمة؛ ففعل "عظّم" في الواقع يعني تبجيل حقيقة ما لعظمتها ولجمالها... ومريم تمجّد عظمة الربّ وتسبّحه قائلة إنّه حقًّا عظيم. من المهمّ في الحياة أن نبحث عن أمور عظيمة، وإلّا فسنضيّع أنفسنا خلف العديد من الأمور الصغيرة. تظهر لنا مريم أنّه، إن أردنا أن تكون حياتنا سعيدة علينا أن نضع الله في المرتبة الأولى لأنّه هو وحده العظيم. ولكن كم من مرّة نعيش متّبعين أمورًا لا قيمة لها: أحكام مسبقة، إستياء، تنافس، حسد، خيور ماديّة... تدعونا مريم اليوم لكي نرفع نظرنا نحو الأمور العظيمة التي صنعها الرَّبُّ فيها وفي كلِّ واحدٍ منّا.  

 

 

 

 نحن نحتفل اليوم بهذه الأمور العظيمة. انتقلت مريم إلى السّماء: هي الصغيرة والمتواضعة كانت أوّل من نال المجد الأسمى. هي المخلوقة البشريّة، واحدة منّا، تبلغ الحياة الأبديّة بالنفس والجسد. وهناك تنتظرنا كما تنتظر الأمّ أبناءها ليعودوا إلى البيت. إنّ شعب الله في الواقع يدعوها كـ"باب السماء". نحن حجّاج في مسيرة نحو البيت السماويّ؛ واليوم ننظر إلى مريم ونرى الهدف. نرى أنّ مخلوقة قد انتقلت إلى مجد يسوع المسيح القائم من الموت وتلك المخلوقة هي أمّ الفادي، فنرى أيضًا في الفردوس مع المسيح آدم الجديد، مريم حوّاء الجديدة وهذا الأمر يمنحنا التعزية والرّجاء في حجنا على الأرض.

 

 

 

 

 

 عيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السّماء هو دعوة للجميع ولاسيّما للذين يتألّمون بسبب الشّك والحزن ويعيشون ونظرهم موجّه إلى أسفل. لننظر إلى العلى إنّ السّماء مفتوحة ولا تخيفنا وليست بعيدة بعد الآن لأنّ هناك أمّ تنتظرنا عند عتبة السّماء. هي أمنّا، تحبّنا وتبتسم لنا وتساعدنا بمحبّة. وككلّ أمّ تريد الأفضل لأبنائها وتقول لنا: "أنتم ثمينون في عينيّ الله، أنتم لم تُخلقوا لاكتفاءات أرضيّة صغيرة وإنّما لأفراح السماء العظيمة". نعم! لأنّ الله هو فرح وليس ملل! لنسمح للعذراء أن تمسكنا بيدنا. في كلِّ مرّة نمسك فيها مسبحة الورديّة بيدنا ونصلّيها نحن نقوم بخطوة إلى الأمام نحو هدف الحياة الكبير.

 

 

 

 لنسمح للجمال الحقيقيّ أن يجذبنا ولا نسمح لصغر الحياة بأن يبتلعنا وإنّما لنختَر عظمة السّماء. لتساعدنا العذراء القدِّيسة، باب السّماء، لكي ننظر يوميًّا بثقة وفرح إلى حيث هو بيتنا الحقيقيّ حيث تنتظرنا كأمٍّ لنا.  

 

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.