ساعة المجد «متفرقات

 

 

ساعة المجد

 

يحدّثنا إنجيل (يو12/ 20-33) عن ما يريد يسوع إتمامه في العالم بتعابير عن المجد.

 

ماذا تعني كلمة «التّمجيد»، «إعطاء المجد»؟

 

أوَّلاً بما يخصّ الإيمان:

 

الإيمان يعني الثقة الكليّة بالله، في كلّ شيء، الله المُتعرّف عليه كحبّ مطلق. ولكن هذا يخصّ كلّ منّا فردياً.

 

ولكن في المجد هناك ناحية جماعيّة، بطريقةٍ ما بعد دعاية إن صحّ التّعبير. فالله سيمجدّ ابنه. حتّى الآن المسيح كان مجهول، غير معروف، مرفوض من قبل الأشخاص البارزين، غير مميّز عن الأنبياء في الزمن الماضي. يمكننا التفكير بالسؤال عن هويّة يسوع الّذي يجتاز الأناجيل.

 

الآن سوف يُكشف يسوع ويُعلن. مرفوع عن الأرض سيجذب إليه جميع البشر. كلّ البشر وليس أعضاء شعبه فقط. ليس من باب الصّدفة أن هذا الإعلان عن المجد يأتي بعد طلب يأتي من يونانيِّين يرغبون في رؤية يسوع.


لاحقاً يقول بولس الرّسول «فليس بعد يهوديّ ولا يونانيّ، لا عبدٌ ولا حُرّ، لا ذكرٌ ولا أنثى: لأنّكم جميعاً واحد في المسيح يسوع» (غلاطية 3: 28). عبارة يونانيّين تستعمل لغير اليهود، أي لغير المؤمنين. آنذاك كان هؤلاء اليونان يروا في يسوع صانع المعجزات، واعظ يقول أموراً مدهشة، وبسلطة، أي دون أن يحتمي تحت ظلّ معلّم سابق.

 

في رغبتهم بمعرفة يسوع، هناك حتماً بطريقة ما، الرّغبة في الذهاب إلى أبعد. يشعرون بدون شكّ أن في يسوع هناك شيء ما لا يدركونه.  في الحقيقة ما لا يُدركونه سيأتي لاحقاً ومع ذلك فهو حاضر مسبقاً: «لقد أتتِ السَّاعة». وكلمة الآن تتكرّر ثلاث مرَّات في نصِّ اليوم. واليونان أتوا في الفصح. وعندما تمّ الفصح، تحوّلت الفصوح القديمة منذ موسى، إلى وجه نبويّ عنه.

 

يسوع سيُمجّد، ويُعترف به لما هو عليه، وهذا المجد الّذي سيستقبله سيكون مجد الله. ما هو عليه لا يزال مجهولاً وسوف يُفاجئ ويحبط. لا شكّ بأنّ يسوع سبق واستقبل بعض المجد، مثلاً لدى قيامه بالمعجزات، لكن المجد الّذي سيستقبله الآن سيذهب إلى أبعد: ممجّد لكونه يُعطي الحياة والصّحة، المجد الذي سيحقـِّـقه الآن هو مجد من يقبل بأن يفقد حياته ويُعطيها لكي يحيا الآخرون.

 

وهذا ما سيكشف كيف هو، أو ماذا يعني أن يكون ابن الله. بالنسبة إلينا كليّ القدرة، جعل من نفسه كليّ الضعف، المعلم المُطلق جعل من نفسه خادمًا، من له السّلطة للحكم، سيجعل من ذاته مطيعًا حتى الموت، الموت على الصّليب كما يقول لنا نشيد فيلبي (2: 8).


ولأنّ البشر اختاروا الشرّ بدلاً من الخير، كما يبين لنا الفصل 3 من سفر التكوين، كلّ شيء يعبّر من ما هو نقيضه. أمر مذهل: فالأفضل سيأتي من الأسوأ، والمجد سيأتي من الإنحطاط. هكذا سيتمّ الالتحاق بالإنسان - المأخوذ على عاتق الله - إلى أبعد ما يمكن أن يذهب به الإنسان.

 

فالموت على الصّليب هو، بطريقة ما الموت بسببنا. فيسوع يقول لنا بأنّه يخاف هذه السّاعة، ونزاعه في بستان الزيتون يبيّن لنا بأنّه لا يمثّل إن صحّ التعبير المواجهة مع الموت، حتى ولو كان الصّليب سيصبح مجداً، حتى ولو سيتحوّل في النتيجة إلى ما هو عكسه.


بالنسبة إلينا، كما بالنسبة إليه، الله يثق به بشكلٍ مُطلق، ثقة تذهب إلى حدّ القبول بفقدان الذّات. فبينما كنّا نعيش في الحيرة والارتباك، والهموم، والمشاكل، وأحياناً في الآلام، علينا الاعتراف بأنّنا محبوبون بحبّ سيغيّر هذا الحِمل. ليس فقط ليتشارك به، إنّما ليحوّل كلّ ما يهدمنا إلى نبع حياة. 

 

 

الأب رامي الياس اليسوعي.