البابا يلتقي السلطات والسلك الدبلوماسي والمجتمع المدني في مدغشقر «متفرقات

 

 

التقى قداسة البابا فرنسيس صباح يوم السبت 7 أيلول سبتمبر في العاصمة أنتاناناريفو السلطات والسلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني في مدغشقر. وشكر قداسته في بداية حديثه رئيس البلاد على دعوته لزيارة مدغشقر وأيضا على كلمة الترحيب، ثم شكر جميع مَن ساهم في تحقيق هذه الزيارة وخص بالشكر شعب مدغشقر على استقباله المضياف. كما وحيا قداسته الأخوة الأساقفة وممثلي الطوائف والأديان الأخرى.

 

 

 

 

توقف البابا فرنسيس بعد ذلك عند دستور هذا البلد والذي يؤكد إحدى القيم الأساسية في ثقافة مدغشقر، أي روح التقاسم والمساعدة المتبادلة والتضامن، وأيضا الروابط العائلية والصداقة والتعامل الحسن بين البشر ومع الطبيعة. تبدو واضحة هكذا صفات هذا الشعب وميزاته التي تمَكنه أيضا من الصمود أمام الصعاب بشجاعة حسب ما ذكر قداسته. وشدد البابا فرنسيس على أنه، وإلى جانب تقدير وتثمين هذه الأرض المباركة بجمالها وغناها الطبيعي، يجب أيضا تثمين هذه الروح.

 

 

 

 

تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن تطلع مدغشقر عقب استقلالها إلى الاستقرار والسلام، وأشار إلى تناوب ديمقراطي إيجابي تميز باحترام التكامل، ما يؤكد أن السياسة هي وسيلة لبناء مواطنة الإنسان وأعماله حين تعاش كخدمة للجماعة البشرية، وهو ما أكده قداسة البابا في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام 2019. وتابع قداسته بالتالي أن عمل السياسة ومسؤوليتها يشكلان تحديا متواصلا أمام من لديهم رسالة خدمة وحماية مواطنيهم وخاصة الأكثر ضعفا من بينهم، وتوفير الظروف لتنمية كريمة وعادلة تشمل الجميع. وذكّر قداسة البابا هنا بتأكيد القديس البابا بولس السادس في الرسالة العامة "ترقي الشعوب" على أن التنمية لا تقتصر على النمو الاقتصادي بل يجب أن تكون تنمية متكاملة، ما يعني تنمية تشمل كل إنسان والإنسان كله. وشجع البابا فرنسيس بالتالي على محاربة كل أشكال الفساد والتلاعب التي تزيد من اللامساواة الاجتماعية، ومواجهة عدم توفر الضمانات والاستبعاد التي تقود إلى الفقر. يجب، حسب ما واصل قداسة البابا، توفير العناصر البنيوية التي يمكنها ضمان توزيع أفضل للدخل وتعزيز متكامل للسكان وخاصة الفقراء. وعلى هذا التعزيز ألا يقتصر على المساعدة.

 

 

 

 

 

وفي حديثه عن التنمية المتكاملة ذكّر البابا فرنسيس بارتباط هذه التنمية بالعناية بالبيت المشترك، ولا يعني هذا التوصل إلى أدوات للحفاظ على الموارد الطبيعية بل، وحسب ما ذكر قداسته في الرسالة العامة "كن مسبَّحاً"، "البحث عن حلول متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار تداخل علاقات الأنظمة الطبيعية فيما بينها ومع الأنظمة الاجتماعية. فليس هناك أزمتان منفصلتان، الأولى بيئية والأخرى اجتماعية، وإنما أزمة اجتماعية-بيئية واحدة ومعقدة" (139). أشار الأب الأقدس بعد ذلك إلى تميز مدغشقر بالتنوع البيولوجي والذي تهدده إزالة الغابات بشكل مبالغ فيه وذلك لمصلحة قليلين، وحذر قداسته من أن تدهور هذا التنوع يسبب مشاكل لمستقبل هذا البلد وبيتنا المشترك. وعاد البابا فرنسيس هنا للتأكيد على ضرورة توفير فرص عمل وموارد دخل تحترم البيئة لمساعدة الأشخاص على الخروج من الفقر، وأكد قداسته أنه لا يمكن أن تكون هناك مقاربة إيكولوجية حقيقية أو عمل ملموس لحماية البيئة بدون عدالة اجتماعية تضمن حق الاستفادة المشتركة من خيرات الأرض سواء للأجيال الحالية أو القادمة. شدد البابا فرنسيس في هذا السياق على ضرورة التزام الجميع بهذا، ما يعني المجتمع الدولي، وأشار إلى مشاركة ممثلي السلك الدبلوماسي في هذا اللقاء وأيضا إلى المساعدات التي قدمتها المنظمات الدولية لتنمية مدغشقر.

 

 

 

وتابع أن هذه المساعدات تُبرز من جهة أخرى انفتاح مدغشقر على العالم، إلا أنه حذر من تحول الانفتاح إلى ثقافة عالمية تزدري وتدفن الإرث الثقافي للشعوب، أي من أن تقود العولمة الاقتصادية إلى هيمنة ثقافية. دعا البابا فرنسيس بالتالي إلى مسيرات تحترم أساليب الحياة الأصلية وتطلعات المواطنين، وذلك كي لا تكون مساعدات الجماعة الدولية الضمان الوحيد لتنمية البلاد، فيصبح هكذا الشعب صانع مصيره. وأكد البابا فرنسيس هنا ضرورة الانتباه إلى المجتمع المدني، الشعب، واحترام تميزه ودعم مبادراته ونشاطاته، كما ودعا إلى مسيرة تسمح بإسماع صوت من لا صوت له، مسيرة لا تستبعد أحدا.

 

 

 

ذكّر قداسة البابا فرنسيس بعد ذلك بالطوباوية فيكتوار رازواماناريفو والتي أعلنها القديس البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية خلال زيارته مدغشقر 30 سنة مضت. وقال البابا إن شهادة محبة الطوباوية لأرضها وتقاليدها، وخدمتها الفقراء كعلامة للإيمان بيسوع المسيح تكشفان لنا الطريق التي نحن أيضا مدعوون للسير عليها.

 

 

 

 

وفي ختام كلمته إلى السلطات والسلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني في مدغشقر صباح يوم السبت، أكد البابا فرنسيس رغبة واستعداد الكنيسة الكاثوليكية في مدغشقر للمساهمة، عبر حوار دائم مع مسيحي الطوائف الأخرى ومؤمني الأديان الأخرى وجميع أطراف المجتمع المدني، في بلوغ أخوّة حقيقية تعزز التنمية البشرية المتكاملة كي لا يُستبعد أحد. طلب الأب الأقدس بعد ذلك من الله أن يبارك مدغشقر وسكانها وأن يحفظ هذه الجزيرة السلمية والمضيافة ويمنحها الازدهار والفرح.

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.