البابا يستقبل أكثر من سبعين رئيس بلدية حول العالم «متفرقات



البابا يستقبل أكثر من سبعين رئيس بلدية حول العالم



يتعين على المدن أن تدفع باتجاه حصول إرتداد إيكولوجي في العالم. هذا ما قاله البابا فرنسيس بعد ظهر أمس الثلاثاء خلال لقاء عقده في قاعة السينودس بالفاتيكان مع أكثر من سبعين رئيس بلدية قَدِموا من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في مؤتمر حول الأشكال الجديدة للعبودية والتبدلات المناخية، بدعوة من الأكاديميتين الحبريتين للعلوم والعلوم الاجتماعية.


وجّه البابا للحاضرين كلمة مرتجلة باللغة الإسبانية عبّر في مستهلها عن الآمال الكبيرة التي يعلقها على المؤتمر حول المناخ المزمع عقده في العاصمة الفرنسية باريس نهاية العام الجاري متمنيا أن يتم التوصل إلى اتفاق أساسي بهذا الشأن بين الدول المشاركة.


حث البابا منظمة الأمم المتحدة التي سترعى مؤتمر باريس على الاهتمام أكثر بظاهرة الإتجار بالكائنات البشرية واستغلالها كما شدد على ضرورة إدراك المشاكل المتعلقة بالضرر الكبير الذي تتكبده الكرة الأرضية مشيراً إلى أن الإنسان مسؤول عن هذه الآفة والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى غياب أي ضمير إيكولوجي، خلافًا لما كان عليه الوضع في البدء. واعتبر البابا فرنسيس في كلمته إلى رؤساء البلديات أن الكرسي الرسولي، شأن بعض الدول، قادر على إثارة هذه القضايا في المحافل الدولية لكن من الأهمية بمكان أن ينطلق العمل من الضواحي ويسير باتجاه السلطات المركزية، كي يأتي بالنتائج المرجوة.


ورأى البابا فرنسيس أن الإعتناء بالبيئة لا يعني فقط تبني مواقف "خضراء" إذ لا بد من تبني موقف يتميّز بـ"الإيكولوجيا البشرية". وقد تطرق إلى هذه المسألة بشكل مفصل في رسالته العامة الأخيرة حول البيئة "كن مسبَّحا" مؤكدًا أنه لا يمكن فصل الإنسان عن بيئته ومحيطه، كما أنه تترتب على سوء معاملة البيئة إنعكاسات سلبية على الكائنات البشرية.


ووصف رسالته العامة هذه بالوثيقة "الخضراء" والوثيقة "الإجتماعية". ورأى البابا فرنسيس أنه عندما لا يتم الإعتناء بالبيئة تنمو المدن بشكل مفرط وتنمو أيضًا بداخلها جيوب الفقر والبؤس والسبب يعود في المقام الأول إلى ارتفاع معدلات النزوح من المناطق الريفية التي لا تقدم أي فرص لساكنيها.


ولم تخل كلمة البابا من التعبير عن القلق البالغ حيال ارتفاع نسبة البطالة لدى الشبان لاسيما من هم دون الخامسة والعشرين من العمر، لافتاً إلى أن هذه النسبة وصلت إلى أربعين بالمائة ـ أو حتى إلى خمسين بالمائة ـ في بعض الدول الأوروبية. وتساءل: ماذا يبقى لهؤلاء الشباب سوى الإدمان والانتحار والبحث عن آفاق جديدة؟


كما تطرق البابا في كلمته إلى الصلة القائمة بين الهجرات وانعدام فرص العمل وإلى ظاهرة الاتجار بالبشر، مشيراً إلى أن ضحايا هذه الآفة غالبًا ما يُجبرون على العمل بصورة غير شرعية وبدون عقود ولا يتقاضون ما يكفي من المال ليعيشوا حياة كريمة، وكل هذا ـ ختم قائلا ـ يغذّي الإجرام في المدن الكبرى والصغرى على حد سواء.


في ختام كلمته إلى رؤساء البلديات المجتمعين في الفاتيكان وقّع البابا مع ضيوفه إعلانًا مشتركًا أكدوا فيه أنه إزاء الحالات الطارئة الراهنة اليوم في العالم والمرتبطة بظاهرة التبدلات المناخية الناتجة عن الإنسان وإزاء الإقصاء الاجتماعي والفقر المدقع، لا بد من التذكير بضرورة العمل على احتواء هذه الظاهرة لأن هذا يشكل واجبًا خلقيًا للبشرية جمعاء.


كما أنه يتعين على المدن أن تضطلع بدور هام على هذا الصعيد. ولفت البيان إلى أن الفقراء والمهمشين هم معرضون أكثر من غيرهم للتهديدات الرهيبة الناتجة عن تقلبات المناخ بسبب تصرفات الإنسان، شأن الجفاف والعواصف المدمرة وموجات الحرّ وارتفاع مستوى البحار.


واعتبر المؤتمرون أن البشرية تتمتع اليوم بما يلزم من الكفاءات والمعارف التكنولوجية والوسائل المالية لتغيير هذا المسار واضعة في الآن معًا حداً للفقر المدقع من خلال تقديم حلول للتنمية المستدامة.


وأكد البيان المشترك أنه ينبغي على العالم أن يدرك اليوم أن قمة الأمم المتحدة حول المناخ المزمع عقدها في باريس نهاية العام الجاري قد تكون الفرصة الأخيرة لعقد مفاوضات تؤدي للتوصل إلى اتفاقات تحافظ على معدل الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان ما دون الدرجتين مئويتين.


وهذه المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الزعماء السياسيين في البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة. كما أن مكافحة ظاهرة التبدلات المناخية تتطلب انتقالاً سريعًا إلى عالم يتغذى بالطاقات المتجددة، مع خفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكاربون وتطبيق إدارة مستدامة للمنظومات الإيكولوجية. 


إذاعة الفاتيكان.