في زيارة ذات عمق روحي ورمزي للبنان، توجّه قداسة البابا لاوُن الرابع عشر إلى مزار سيدة لبنان في حريصا، بعد صلاته عند القديس شربل، ليحتفل بـتنوع الكنيسة اللبنانية والتزامها الثابت بالخدمة رغم أصعب الظروف.
استُقبل البابا بترحيب حار، حيث وصفه البطريرك رافائيل بدروس الحادي والعشرون بأنه "شعلة حية من الصلاة والرجاء" تضيء لبنان. وأكد البطريرك أن لبنان هو الدليل الحي على أن العيش المشترك ممكن، وأن المحبة هي أقوى من أي انقسام، مشيداً بصمود الشعب اللبناني.
كان اللقاء مؤثراً للغاية، حيث استمع البابا إلى أربع شهادات قوية كشفت عن "الرجاء الصامد" في وجه الحرب والفقر: روى الأب يوحنا-فؤاد فهد عن خدمة "شعب غير مرئي" يعاني في صمت، مناشداً البابا بـ "كلمة، بركة، إشارة" لمن نُسوا. فيما تحدثت لورين كابوبريس (مهاجرة ومتطوعة): عن تحول عملها إلى "خدمة" وكيف أصبحت الكنيسة ملجأً للمهاجرين الهاربين من نظام الكفالة، مؤكدة: "نحن لسنا مجرد عمال، بل بناة ومساهمون."
أما الأخت ديما شبيب (مديرة مدرسة في بعلبك) فقد شهدت على قرارها بالبقاء وسط الحرب، واصفة كيف اختارت الصمت في حضرة الله وكانت "مستعدة للقائه"، مؤكدة: "في قلب الحرب، اكتشفت سلام المسيح". فيما وصف الأب شربل فياض (مرشد السجون) مهمته بأنها "لقاء مع المسيح المتألم" وسط "رجال ونساء نسيهم المجتمع"، مؤكداً: "إنَّ الرحمة ليست فكرة، بل وجه... وجه السجين."
في كلمته، شدد البابا على أن الإيمان هو "مرساة في السماء"، مذكّراً بكلمة القديس يوحنا بولس الثاني: "أنتم مسؤولون عن الرجاء" ودعا إلى التضامن، واصفاً العطاء المتبادل بأنه يغني الجميع. واختتم بدعوة الحضور ليكونوا "عطر المسيح"؛ العطر الذي ينبع من "مائدة لبنانية سخية مشتركة يتنوع فيها الأكل، ويأكل منها الجميع في وحدة المحبة".
واختتمت الزيارة بتقديم البابا "الوردة الذهبية" لمزار سيدة لبنان، وهي علامة قديمة لتكريم مريم العذراء. كما قام بمباركة حجر الأساس لـ "مدينة السلام" التابعة لقناة "تيلي لوميار ونورسات"، مجسداً دعمه لمبادرات السلام والرجاء في المنطقة.