إختتام المئويّة الثانيّة لولادة دون بوسكو «متفرقات



إختتام المئويّة الثانيّة لولادة دون بوسكو


بمناسبة اختتام المئويّة الثانية لولادة دون بوسكو ترأّس الأب أنخيل فرنانديز أرتيمي، الرّئيس العام لرهبنة السّاليزيان، يوم أمس الأحد القدّاس الإلهيّ في بازيليك دون بوسكو في تورينو بحضور عدد كبير من المؤمنين والشباب الذين قَدِموا من مختلف أنحاء العالم السّاليزياني وللمناسبة ألقى الأب أرتيمي عظة قال فيها:


كتب دون بوسكو في ذكرياته: "لقد ولدتُ في اليوم الذي يُحتفل به بانتقال العذراء إلى السماء، عام 1815، ورأيتُ النور في موريالدو في مقاطعة من كاستيلنوفو داستي. كان أبي يُدعى فرنشسكو وأمّي مارغريتا أوكيينا وكانا مزارعين يعملان بصدق ويأكلان خبزهما بفضل عملهما، وأبي كان يعمل بيديه ليعيل أمّه البالغة من العمر سبعين سنة ونحن أولاده الثلاثة، الأول أنطونيو والثاني جوزيبيه والثالث والأصغر بينهم أنا جوفاني".


تابع الأب أنخيل فرنانديز أرتيمي يقول من المؤثّر جدًا أن نسمع كلمات دون بوسكو هذه في المكان الذي ولد فيه منذ مائتي سنة خلت، واليوم وإذ نختتم الاحتفالات الرّسميّة للمئويّة الثانية لهذا الحدث التاريخيّ، نشكر الله على تدخُّله العظيم في التاريخ ولاسيّما وبشكل ملموس في تاريخنا هذا الذي بدأ هنا على هذه التلال.


لقد تذكّرنا مرارًا هذه السّنة في العالم بأسره إنّ الموهبة السّاليزيانيّة هي عطيّة من الله للكنيسة والعالم من خلال دون بوسكو. واليوم نجتمع كعائلة دون بوسكو، العائلة السّاليزيانيّة، بحضور العديد من السّلطات المدنيّة والكنسيّة وأصدقاء دون بوسكو لنشكر الرّبّ على هذه السّنة التي عشناها وعلى النِعَم التي نلناها، لاسيّما على الحياة التي تتجدّد وتثمر كعطيّة لهذه المئويّة الثانية في أربع جهات العالم.


 لقد كانت المئوية الثانية لولادة القدّيس جوفاني بوسكو سنة يوبيل وسنة نعمة عشناها كعائلة ساليزيانيّة وكشباب العالم السّاليزيانيّ بروح امتنان للرّبّ وتواضع وإنّما أيضًا بفرح عظيم مدركين أنّ الله قد باركنا بهذه الحركة الرّوحيّة الرّسوليّة التي أسّسها دون بوسكو تحت حماية العذراء مريم سيّدة المعونة، والتي ندعوها اليوم "العائلة السّاليزيانيّة".


يُعرف عن القدّيس جوفاني بوسكو بأنّه كان رجل غني بالفضائل منفتح على الواقع، ورجل الله مليء بمواهب الرّوح القدس، يعيش "كمن يرى اللّامنظور". والإحتفال بحياته وشكر الله عليها هو كالإحتفال بحياة كلّ فرد منّا وشكر الله عليها، لأنّنا في الواقع، وفي أساليب ودرجات مختلفة، نشترك كلّ بطريقته في تاريخ هذا الرّجل العظيم.


 لقد كان دون بوسكو ابن زمنه وناسجًا للتاريخ، رجلًا متواضعًا يحبّ الآخرين وخاصّة الصّغار، كان رجل الله، رجلًا يتحلّى بقلب الرّاعي الصّالح وقد عاش بصدق كلمات يسوع التي قالها للإثنيّ عشر: "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا وليكن لكم عبدًا" ونعرف جيّدًا أن هذه الـ "لكم" بالنسبة إلى يسوع وإلى دون بوسكو تشير بشكل خاصّ إلى الصّغار والأشدّ حاجة.


وقد شدّد الأب الأقدس في رسالته للعائلة السّاليزيانيّة على هذه الجوانب المهمّة في شخصيّته: لقد عاش عطيّة ذاته بالكامل لله كحافز لخلاص النّفوس والأمانة لله والشّباب في فعل حبّ واحد، وهذه المواقف قد دفعته "للخروج" والقيام بخيارات شجاعة: خيار التكرّس للشباب الأشدّ فقرًا بهدف تأسيس حركة فقراء من أجل الفقراء تذهب، بفضل الحماس الرّسوليّ، أبعد من حدود اللّغة والأثنية والثقافة والدّين، وقد حقّق هذا المشروع من خلال القبول والفرح في اللّقاء والمرافقة الشخصيّة لكلّ فرد.


أضاف الرّئيس العام لرهبنة السّاليزيان يقول ونحن قد فهمنا، كما قال لنا الأب الأقدس أيضًا، أنّ الاحتفال بالمئويّة الثّانية لولادة دون بوسكو هو مسيرة أمانة للرّبّ تتطلّبها منّا الموهبة السّاليزيانيّة، كوننا رجالًا ونساءً في العائلة السّاليزيانيّة لكي نصبح قادرين على اتّخاذ خيارات شجاعة على مثال دون بوسكو ونكون واقعيين فنجيب بالتّربية المناسبة على الأزمة التي يعيشها مجتمع اليوم.


لذلك يمكننا القول إنّ هذا الإحتفال يشكّل بالنسبة إلينا جميعًا مناسبة ثمينة لننظر إلى الماضي بامتنان وإلى الحاضر برجاء ونحلم بمستقبل رسالة للبشارة والتّربية لعائلتنا السّاليزيانيّة بقوّة وتجدّد إنجيليّ وبشجاعة ونظرة نبويّة. وبهذا الإطار يكتب إلينا الأب الأقدس في رسالته أنّ دون بوسكو يعلّمنا أولاً ألا نقف مكتوفي الأيدي بل أن نقدّم للشباب خبرة تربويّة شاملة تقوم بشكل راسخ على البعد الديني ولكنها تطال العقل والعواطف والشخص البشري بأكمله كما خلقه الله وأحبّه.


وختم الرّئيس العامّ لرهبنة السّاليزيان الأب أنخيل فرنانديز أرتيمي عظته بمناسبة المئويّة الثانيّة لولادة دون بوسكو بالقول نحن ورثة رجل عظيم، ابن حقيقي لزمنه وناسج للتّاريخ، رجل عظيم ولكنّه متواضع في وسط الآخرين، استلهم الطيبة والحماس من القدّيس فرانشسكو ساليس وأسسّس حركة كبيرة لأشخاص في مسيرة إنطلقوا من ضواحي تورينو إلى مختلف الضواحي الوجوديّة والجغرافيّة.


نحن ورثة إرث يتطور وينقل ويُخصَّب، وهذا الأمر يجد حقيقته الملموسة في التحدّي الكبير الذي تركه لنا الأب الأقدس في رسالته "أنتم مدعوّون كعائلة ساليزيانيّة لإعادة إحياء الإبداع المواهبيّ داخل مؤسّساتكم التربويّة وخارجها من خلال تكرّسكم الرّسوليّ على دروب الشباب لاسيّما أولئك الذين يقيمون في الضواحي. نحن ورثة لمسؤوليّة كبيرة وإنّما في الوقت عينه لشعلة نار مُتَّقدة في أعماق قلوبنا وهي شغفنا لنعيش على مثال دون بوسكو مع الشّباب ومن أجلهم".



إذاعة الفاتيكان.