6 تموز الانبا سيسويص الكبير «على درب القداسة

 

 

6 تموز الانبا سيسويص الكبير

 

 

وُلد هذا البارّ في مصر نحو سنة 339. ترك العالم وتبع المسيح متّخذًا السِّيرة النسكيَّة في بريَّة الإسقيط. ثمّ هرب من النّاس الوافدين عليه وذهب إلى جبل القدِّيس أنطونيوس حيث اتّبع سيرته بكلِّ دقـَّة، حتّى كان له صورة حيَّة. فانعكف على الصَّمت والصَّلاة والتقشف وعمل اليد، لا يأكل إلّا مرّة كلّ يومين، يتناول قليلاً من الحشائش والبقول ولا يشذ عن خطته هذه، إلّا لضرورة ماسة.

 

أتاه رجل بإبنه، طالباً بركته وكان الولد قد مات في الطريق. فطرحه أبوه أمام القدِّيس وهَمَّ بالرُّجوع. فناداه القدِّيس: تعالَ خُذ إبنك، وقال للولد: قمْ إتبع أباك، فنهض للحال ولحق بأبيه، فجاء هذا يشكر للقدِّيس جميله، معجباً بما صنعه الله على يده. فقال له القدِّيس، مقتدياً بالسيِّد المسيح: لا تخبر أحداً بذلك. وما أتاه أحد طالباً صلاته إلّا نال شفاء النّفس والجسد.

 

وحدث أنّ أحد الرُّهبان تَخاصمَ مع رفيقه، فعزم على الأخذ بالثأر. فنصح له القدِّيس فلم يسمع لنصحه، عندئذ أخذ القدِّيس يتلو الصَّلاة الرَّبيَّة على رأسه قائلاً: "لا تغفر لنا ذنوبنا، كما نحن لا نغفر لِمَن أخطأ إلينا" فلمّا سمع الرَّاهب ذلك خجل وقام إلى القدِّيس يقبـِّل يديه ويستغفره، صافحاً لأخيه.

 

وقد استشاره أحد السّياح في شأن إرثٍ له. فأجابه: أعطه ليسوع المسيح نفسه في شخص الفقراء والمساكين إراحة ً لضميرك.

 

وعند دنو أجله، جاء النسَّاك يحيطون به ليغنموا بركته، فشاهدوا وجهه يسطع بنورٍ سماويّ وسمعوه يقول: هوذا الأنبا أنطونيوس، هوذا لفيف الرُّسل والقدِّيسين آتون إلينا. وسمعه الحاضرون يتكلّم همساً مع أشخاصٍ أمامه دون أن يروا أحداً. فاندهشوا وسألوه: مَن تُخاطب يا أبانا؟ فأجابهم: الملائكة الذين جاؤوا ليأخذوا نفسي، فأسألهم أن يتركوني زمناً بعد لأصنع توبة مقبولة.

 

فأكبَرَ الرُّهبان تواضعه، وكان كلامه لهم خير عِبرة وموعظة. ثمّ تلألأ وجهه بهالةٍ من النّور وهتف قائلاً: أنظروا هوذا الرَّب آتٍ يقول: أعطني هذا الإناء المختار. قال هذا وأسلم الرّوح. وما زال وجهه متلألئاً كالشمس وفاحت الرّوائح الزكيّة من جثمانه الطاهر وكان ذلك سنة 429. صلاته معنا. آمين.