5 كانون الثاني تذكار القديس بولا أوّل النساك «على درب القداسة

 

5 كانون الثاني تذكار القديس بولا اول النساك

 

لقد كتب القدّيس إيرونيموس سيرة القدّيس بولا وهذا ملخَّصُها:

 

وُلد بولا في مدينة ثيبة في مصر السُّفلى، من عائلة قبطيّة مسيحيّة. درس اللّغتين اليونانيّة والمصريّة وبرع فيهما. وتوفيّ والداه وهو ابن خمس عشرة سنة، تاركـَـين له ثروةً وافرة، لكنَّ قلبه كان توَّاقـًا إلى غير المال.

 

وأثار داكيوس قيصر الإضطهاد على النّصارى، فذهب بولا واختبأ في بستان له على ضفاف النيل، ولمّا شعر أنّ صهره يريد أن يوشي به طمعًا بميراثه، حزن لتلك الخيانة الفظيعة، وترك عزلته وماله وشقيقته، وسار إلى بريّة تيبايس فتنسَّك هناك، يقتات مِن ثمر النّخل ويكتسي بأوراقه، عائشًا على الأرض مثل ملاك في السّماء، إلى أن بلغ من العمر مئة وثلاث عشرة سنة.

 

فأوحى الله إلى أنطونيوس في الحلم أنّ بولا النّاسك أقدم منه وأكثر قداسة. فسار يطوف تلك الفلوات حتّى عثر على مغارة بولا. فتعانقا كأنّهما صديقان من زمن بعيد.

 

ويُروى أنّ غُرابًا جاءهما برغيف خبز. فقال بولا: "تبارك الله الذي أرسل لنا كفافنا! إنّ هذا الغراب يأتيني منذ ستين سنة، كلّ يوم بنصف رغيف، واليوم، لأجلك أتاني برغيفٍ كامل". وصرفا اللّيل كلّه بتلاوة المزامير وتسبيح الله.

 

وفي الغد قال بولا لأنطونيوس: قد دنا أجلي فأرسلكَ الله إِليَّ لتَدفُن جسدي وتُرجع التراب إلى التراب. فأسألك أن تذهب وتأتيني بالرّداء الذي وهبك إيّاه البطريرك أثناسيوس وتجعله كفنًا لي بعد موتي.

 

فذهب أنطونيوس ليأتيه بالرّداء. ولمّا عاد إليه بالمطلوب وجده ميتًا. فكفَّنه برداء البطريرك ودفنه. ثمّ رجع، متزوِّدًا ثوب بولا الذي نسجه من ورق النخل. وكان يلبسه أنطونيوس في عيد الفصح وعيد العنصرة، تبرُّكًا منه. وقد قصّ رهبانه كلّ ما جرى بينه وبين القدّيس بولا الذي كانت وفاته سنة 343. صلاته معنا. آمين.