ٱلأَرضِ ٱلطَّيِّبَة «القوت اليومي

 

 

«وَمِنهُ ما وَقَعَ عَلى ٱلأَرضِ ٱلطَّيِّبَة، فَأَثمَرَ بَعضُهُ مائَة، وَبَعضُهُ سِتّين، وَبَعضُهُ ثَلاثين» (متى 13/ 8)

 

 

كما أنّ قوّة الشرائع والوصايا الّتي أعطاها الله للبشر تكتمل في نقاوة القلب، بحسب قول الآباء، كذلك كلّ الطرق والأشكال الّتي بها يصلّي البشر إلى الله تكتمل في الصلاة النقيّة. الأنين، الركوع، التوسّلات، النحيب، وكلّ أنواع الصلاة تجد في الواقع غايتها في الصلاة النقيّة...

 

 

لا يمكن لشيء أن يمنع التفكير: لا الصلاة، ولا التحرّكات، ولا النحيب، ولا السُلطة، ولا الحريّة، ولا التوسّل، ولا الرغبة، ولا اللّذة ممّا يُرجى في هذه الحياة أو في العالم الآتي؛ بَعد الصلاة النقيّة، لا توجد صلاة أخرى... فأبعد من هذا الحَدّ، هناك الاندهاش، وليس الصلاة؛ الصلاة تتوقّف، ويبدأ التأمّل.

 

 

إنّ الصلاة هي الزرع، والتأمّل هو حصاد الحِزَم. يندهش الحصّاد لرؤيّة ما لا يوصف: كيف أنّه من حبوب صغيرة عارية زرعها، استطاعت فجأة أن تنمو أمامه سنابل مزدهرة؟ إنّ رؤية حصاده تعيقه عن كلّ حركة...

 

فكما أنّه بالكاد يوجد إنسانٌ بين الآلاف الكثيرة يتمّم ولو قليلاً الوصايا وأمور الشريعة ويتوصّل إلى نقاوة النفس، كذلك لا بدّ من وجود إنسان واحد بين ألف إنسان يستحقّ الوصول مع الكثير من الانتباه إلى الصلاة النقيّة، واجتياز الحَدّ واكتشاف هذا السرّ. لأنّه لم يُعطَ لكثيرين، إنّما للقليلين، أن يعرفوا الصلاة النقيّة.

 

مار اسحَق السريانيّ (القرن السابع)