«وَكانَ جَميعُ ٱلَّذينَ يَلمِسونَهُ يُشفَون» «القوت اليومي

 

 

«وَكانَ جَميعُ ٱلَّذينَ يَلمِسونَهُ يُشفَون»

 

عندما أقام المخلّص الموتى، لم يكتفِ بأن يُتِمَّ عمله هذا بكلمته التي تحمل بدون شكّ أوامرَ إلهيّة. إنّما مِن أجل القيام بهذا العمل العظيم، جعل من بشريّته شريكةً، إن صحَّ القول، وذلكَ ليظهر أنّها تملك القدرة على إعطاء الحياة، وليبيّن أنّها وإِيّاهُ واحدًا: إنّها حقًّا وبالفعل بشريَّته هو، وليس جسمًا غريبًا عنه.

 

هذا ما تمَّ يوم أقام مِن الموت ابنة رئيس المجمع حين قال لَها: "يا صَبِيَّة أقولُ لكِ: قومي!" (مر 5: 41). أمسكها بيده كما هو مكتوب. لقد أعطاها مجدّدًا الحياة، بصفته الربّ، بواسطة أمره القادر على كلّ شيء، وأحياها أيضًا بلمس بشريّته المقدّسة.

 

وقد شهد بذلك على أنّ القوّة الإلهيّة نفسها تعمل سواء بجسده أَم بكلمته. الأمر نفسه قد حصل لمّا أتى إِلى قرية نائين، حَيثُ كان يُقام دفنُ ابنٍ وحيدٍ لأرملة، فلمس النعش وقال: "يا فتى، أقولُ لَكَ: قُمْ!".

 

لذلكَ، لم يعطِ لكلمته فقط القدرة على إقامة الموتى، بل وأكثر من ذلك، لكي يظهر أن جسده معطي الحياة، فهو لمسهم أيضًا. وبواسطة بشريّته، بثّ الحياة في الجثامين. فإذا كان بلمس جسمه المقدّس يعيد الحياة إلى جسد ينحَلُّ، فكم من المنافع نجد نحن في الإفخارستيّا معطية الحياة عندما نتناولها كغذاء لنا؟

 

فهي تحوّل كليًّا مَن يشتركون بها إلى ما هي عليه، أي إلى الخلود.

 

القدّيس كيرِلُّس (380 - 444)،

بطريرك الإسكندريّة وملفان الكنيسة