لَستُ أَهلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفي «القوت اليومي

 

 

«يا رَبّ، لا تُزعِج نَفسَكَ، فَإِنّي لَستُ أَهلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفي»  (لو 7/ 6)

 

في قراءة الإنجيل، سمعنا الرّب يسوع يمتدح إيماننا المقرون بالتواضع. حين وعدَ الرّب يسوع قائد المئة بالذهاب إلى بيته ليشفيَ خادِمه، أجابه هذا: "إنّي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفي، لِذلِكَ لَمْ أَحسَبْ نَفْسي مُسْتَحِقًّا أَنْ آتِيَ إِلَيْك، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَيُشْفَى فَتَاي".

 

فبقوله لست أهلاً، أظهر ذاته أهلاً، لا ليدخل المسيحُ بيته فحسب، بل قلبه أيضًا... فلو دخل الربّ يسوع بيته بدون أن يلِج قلبه، فإنّه لن يكون له الكثير من السعادة.

في الواقع، إنّ الرّب يسوع المسيح، المعلّم في التواضع بمثاله وبكلامه، قد جلس إلى المائدة في بيت فرّيسيّ متكبّر، إسمه سمعان (راجع لو7: 36). ورغم أنّه كان جالسًا إلى مائدته، غير أنّه لم يكن في قلبه: ففي بيت الفرّيسيّ ذاك، لم يكن "لابنِ الإِنسان ما يَضَعُ علَيهِ رَأسَه" (لو 9: 58). أمّا هنا، فكان خلاف ذلك، إذ لم يدخل بيت قائد المئة، لكنّه ملك قلبه...

 

هكذا إذًا امتدح الربّ إيمان قائد المئة المقرون بالتواضع. فحين قال: "لَسْتُ أَهْلاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفي"، أجابه الربّ: "أَقولُ لَكُم: لَمْ أَجِدْ مِثْلَ هذَا الإِيْمَانِ حَتَّى في إِسْرائِيل"... لقد أتى الربّ إلى الشعب الإسرائيلي بحسب الجسد، لكي يبحث أوّلاً في هذا الشعب عن الخروف الضّال (راجع لو 15: 4)...

 

ونحن أيضًا، كبشرٍ، لا يُمكننا أبدًا تقييم إيمان البشر الآخرين. إنّ ذاك الذي يرى أعماق القلوب، والذي لا يُضلّه أحدٌ، شهِد عمّا كان قلب ذاك الرجل، سامعًا كلمته المليئة بالتواضع ومانحًا إيّاه بالمقابل كلمةً تشفي.

 

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)،

أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة