كيف يُقرأ الإنجيل؟ «القوت اليومي

كيف يُقرأ الإنجيل؟

 

إنّ الروايات الإنجيليّة هي قصّة مسرودة على ضوء نور الخلاص العظيم الذي منحه الرّب يسوع. لذا، حين سيكتب الإنجيلي لجماعة من الوثنيّين مثلاً، كما حصل مع القدّيس مرقس، سيأخذ من نور الرّب يسوع ومن أحداث حياته ما يمكن أن يكون مفيدًا لاهتداء الوثنيّين.

 

حين سيكتب لليهود، كما حصل مع القدّيس متّى، سيأخذ من الروايات الإنجيليّة ومما حصل مع الرّب يسوع ما يمكن أن ينير الشعب اليهودي من خلال الدلالة على تحقيق النبوءات.

 

لذا، ما سرده كلّ إنجيلي ليس بصورة فوتوغرافيّة ولا فيلمًا عن الحدث؛ إنّه أمر أعمق بكثير، إنّها أحداث مسرودة على ضوء نور إلهي لتمرير شيء، أحداث توجِّه كلّ السمات المذكورة الأنظار إليها؛ وسيكون ذلك في عمق فداء العالم، أي سرّ يتخطّى كلّ ما يمكن أن تثبّته القصّة ويدفعنا إلى العبادة.

 

هذا يتخطّى حدود القصّة؛ العمق المخفي يتجاوز النصّ المذكور. هذا يشبه قليلاً حين تستمعون إلى مقطوعة "يا يسوع فلتدُم سعادتي" لجان سيباستيان باخ؛ ثمّ حين يتوقّف الغناء، يسود الصمت. هذا الصمت أفضل من الموسيقى؛ إنّه الأمر الذي رفعتنا إليه الموسيقى، هو يخيّم فوقها، إنّه أمر مخفيّ أكثر وكثيف أكثر وعميق أكثر.

 

هكذا، حين نقرأ نصّ الإنجيل، يجب بلوغ نقطة من العمق حيث يكون كلّ شيء متّحدًا، وسيكون هنالك هبوط لحبّ لا يمكن تخيّله، ينتظر من قبلنا جواب حبّ، جواب عمق. لا يمكن لشيء أن يردّ على الحبّ إلاّ الحبّ، إلاّ عمل حبّ.

 

لذا أقول: حين تقرأون أيّ إنجيل كان، غوصوا في سرّ العمق والعبادة؛ إن كانت هذه الكلمة قد جعلتكم تركعون داخليًّا أمام السرّ، لن تكونوا قد تعرّضتم للخداع، بل على العكس، سيكون قد تمّ اقتيادكم مباشرة نحو الأمر الجوهري.

 

الكاردينال شارل جورنيه (1891 - 1975)​