كونوا أَنتُم أَيضاً مُستَعِدِّين «القوت اليومي

 

 

 

«لِذلِكَ كونوا أَنتُم أَيضاً مُستَعِدِّين، ففي السَّاعَةِ الَّتي لا تَتَوَقَّعونَها يأَتي ابنُ الإِنسان» (متى 24/ 44)

 

 

يُمثّل زمن المجيء هذا مجيئَيّ الربّ: في البداية كان المجيء الأكثر هدوءًا، مجيء "أجمل بني آدم" (مز45[44]: 3)، مجيء "مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ" (حج 2: 7)، هو مجيء ابن الله الذي أظهر بوضوحٍ للعالمِ حضوره الجسدي الذي طال انتظاره ورغب فيه الكثيرُ من الآباء القدّيسين: المجيء الذي أتى خلاله إلى العالم ليخلّصَ الخاطئين. ويمثّل هذا الزمن أيضًا المجيء الثاني الذي ننتظره برجاء كبير، والّذي علينا أن نذكره دومًا ونحن نذرف الدمع، ذلك المجيء الذي سيتحقّق عندما يأتي الربّ نفسه” على غَمامِ السَّماء في تَمامِ العِزَّةِ والجَلال”: أي في يوم الدينونة، عندما يأتي "في مَجْدِه، تُواكِبُه جَميعُ الملائِكة" ليدين الأمم. لم يعرف المجيء الأوّل سوى بضعة رجالٍ؛ أمّا في المجيء الثاني، فسيظهر للأبرار والخطأة كما قال إشعيا النّبي وردّد القدّيس لوقا من بعده قائلاً: "وكُلُّ بَشَرٍ يَرى خَلاصَ الله" (لو3: 6؛ راجع إش40: 5) ...



يا إخوتي الأحبّاء، فلنحذُ حذو الآباء القديّسين، ولنُحيِ توقهم فينا ونملأ قلوبنا حبًّا ورغبةً بالرّب يسوع المسيح. أنتم تعلمون جيّدًا أنّ الاحتفال بهذا الزمن قد وُجدَ لكي نجدّدَ في داخلنا تلك الرغبة التي امتلكها الآباء القدامى عندَ انتظارهم المجيء الأوّل للربّ ولكي نتعلّم منهم أن نتوق إلى مجيئه الثاني. فلنتذكّر كلّ الخير الذي فعله الربّ في مجيئه الأوّل؛ فكم سيحقّق بعد في مجيئه الثاني! تفكيرُنا هذا يجعلنا نحبّ أكثر مجيئه الأوّل ونرغب في عودته...



إن أردنا أن نعرف السلام عند عودته، فلنعمل بجهد على استقبال مجيئه الأوّل بإيمان ومحبّة. ولنبقَ مخلصين لأعماله التي أرانا وعلّمنا إيّاها. ولتنمو قلوبنا بمحبّة الربّ وبالرغبة حتّى إذا أتانا، "مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ"، ننظرُ إليه بثقةٍ تامّة.

 

 

القدّيس ألريد دو ريلفو (1110 - 1167)