«فمَشيئةُ أَبي هيَ أَنَّ كُلَّ مَن رأَى الِابنَ وآمَنَ بِه كانَت له الحياةُ الأَبَدِيَّة» «القوت اليومي

 

 

 

 

«فمَشيئةُ أَبي هيَ أَنَّ كُلَّ مَن رأَى الِابنَ وآمَنَ بِه كانَت له الحياةُ الأَبَدِيَّة»

 

 

إنّ رغبة الآباء الأوّلين الداعية إلى حضور الرّب يسوع المسيح بالجسد، هي بالنسبة إليّ موضوع تأمّلات متكرّرة. لا أستطيع أن أفكّر في هذا الموضوع بدون أن تدمع عيناي من الخجل. فهذا يجعلني أقدِّر فتور عصرنا البائس وخموله. لقد تلقّينا هذه النعمة، وأُظهِرَ لنا جسد الرّب يسوع المسيح على المذبح، لكنّ أحدًا منّا لا ينتابه الفرح نفسه الذي شعر به أجدادنا لمجرّد الوعد بالتجسّد.

أصبح عيد الميلاد قريبًا ويستعدّ الكثيرون للاحتفال به؛ عساهم أن يفرحوا فعلاً بميلاد الرّب يسوع المسيح، وليس بمظاهر الغرور! إنّ انتظار الأقدمين وتوقهم الكبير يتجلّيان بشكل رائع في الكلمات الأولى من نشيد الإنشاد: "ليُقبِّلَني بِقُبَلِ فمِه!" (نش 1: 2). في تلك العصور، كان أيّ إنسان مُتمتّع بالحسّ الروحي يشعر بالنعمة الكبيرة المُنسكِبة على هذه الشفاه ومن خلال هذه الكلمات المُثقَلة بالرغبات، كان يتمنّى بشغف ألاّ يُحرَم من هذه المودّة الكبيرة.

كلّ نفسٍ مثاليّة كانت تقول: اذا تَنفعُني نصوص الأنبياء الغامضة؟ أنا أنتظر أن يأتي "أجمل بَني آدم" (راجع مز 45[44]: 3)، ليُقبِّلَني بِقُبَلِ فمِه. كان لسان موسى ثقيلاً (راجع خر 4: 10)، وكانت شفتا إشعيا نَجستَين (راجع إش 6: 5)؛ كان الأنبياء كلّهم محرومين من موهبة اللغات. فذاك الذي تكلّموا عنه، هو مَن كان يجب أن يتكلّمَ ويقبِّلَني بِقُبَلِ فمِه؛ أنا لم أعد أريد أن يتكلّم فيهم ومن خلالهم، لأنّ المياه تبدو كثيفة طالما بقيَتْ في الغيوم.

 

أنا أنتظر الحضور الإلهي، ينابيع العقيدة المتدفّقة التي ستصبح فيَّ "نبعًا يفيض بالحياة الأبديّة" (راجع يو 4: 14)

القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)