«طوبى لَكُم أَيُّها ٱلفُقَراء، فَإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ ٱلله» «القوت اليومي

 

 

«طوبى لَكُم أَيُّها ٱلفُقَراء، فَإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ ٱلله» (لو6/ 20)

 

 

يبدأ فرح المكوث في حبّ الله من هنا، من هذه الحياة. إنّه فرح ملكوت الله. لكنّ طريقه شديد الانحدار، يتطلّب ثقةً تامّةً في الآب والابن، وتفضيلاً للملكوت. إنّ رسالة الرّب يسوع تَعِدُ قبل كلّ شيء بالفرح، بذاك الفرح المتطلّب. أفلا تبدأ بالتطويبات؟ "طوبى لَكُم أَيُّها ٱلفُقَراء، فَإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ ٱلله، طوبى لَكُم أَيُّها ٱلجائِعونَ ٱلآن، فَسَوفَ تُشبَعون. طوبى لَكُم أَيُّها ٱلباكونَ ٱلآن، فَسَوفَ تَضحَكون".



إنّ الرّب يسوع المسيح نفسه، وبشكل سرّي،  رضي بالموت على أيدي الكفّار، بالموت على الصليب لكي يستأصل خطيئة الاكتفاء من قلب الإنسان وإظهار طاعة بنويّة للآب بدون انقسام. ولكن... منذ ذلك الحين، فإنّ الرّب يسوع لا يزال حيًّا في مجد الآب، ولهذا السبب ثَبُت التلاميذ في فرح متأصّل عندما رأوا الربّ مساء الفصح (راجع لو 24: 41).



يبقى أنّه، في عالمنا، لا يمكن أن ينبثق فرح الملكوت المُحَقَّق إلاّ من الاحتفال بموت الربّ وقيامته معًا. هذا هو تناقض الحياة المسيحيّة الذي يُلقي الضوء على تناقض الحالة البشريّة. فلم تُلغَ المِحَن والآلام من هذا العالم، لكنّها اتّخذت معنًى جديدًا مع يقين المشاركة في الفداء الذي أتمّه الربّ، وفي مجده. فلهذا السبب، ليس المسيحيّ الخاضع لصعوبات الحياة المشتركة، مضطرًّا إلى البحث عن طريقه كما لو أنّه يتلمّسه في الظلام، ولا إلى رؤية نهاية آماله في الموت. فقد سبق وأعلن النبيّ بقوله: "الشَّعبُ السَّائِرُ في الظُّلمَةِ أَبصَرَ نوراً عَظيماً والمُقيمونَ في بُقعَةِ الظَّلام أَشرَقَ علَيهم النُّور. كَثَّرتَ لَه الأُمَّة وَفَّرتَ لَها الفَرَح يَفرَحون أَمامَكَ كالفَرَحِ في الحِصاد كابتِهاجِ الَّذينَ يَتَقاسَمونَ الغَنيمة" (إش 9: 1-2).

 

الطّوباويّ بولس السادس، بابا روما

من 1963 إلى 1978