سيُسَلَمُ إِلى الوَثَنِيِّين فيَسخَرونَ مِنهُ «القوت اليومي

«سيُسَلَمُ إِلى الوَثَنِيِّين فيَسخَرونَ مِنهُ ويَشتِمونَه، ويَبصُقونَ علَيه»

 

انفردَ ربُّنا يسوع المسيح مع تلاميذه ليُحدِّثهم عن آلامه. لم يَشأ أن يُعلمِ الشعب حينها بتلك النبوءة، لأنّها لو شاعَتْ، كانت ستثير الهلع والقلق؛ إلاّ أنّه أطلعَ تلاميذه عليها حصريًّا كي يمدّهم بالشجاعة الكافية ليتمكّنوا من تحمّل هذا الحدث الحزين عند حصوله.

 

بذلك، أرادَ أيضًا أن يُقنعَهم بأنّه كان مُدركًا لآلامه، وأنّه كان ذاهبًا بملء إراداته لتحمّل عذاباته، كما أرادَ أن يُنبِّهَهُم إلى تلك الصعوبة التي كانوا سيُواجهونَها: كيف وقعَ ذاك الذي وعدَنا بالخلاص في أيدي أعدائه؟

 

لذا، أخبرَهم شيئًا فشيئًا بكلّ ما سوف يُصيبُه من آلام: "سيُسَلَمُ إِلى الوَثَنِيِّين فيَسخَرونَ مِنهُ ويَشتِمونَه، ويَبصُقونَ علَيه". وهذا ما كان قد تنبّأ به إشعيا حين قال: "أسلَمتُ ظهري للضاربين وخدّي للناتفين، ولم أستُرْ وجهي عن الإهانات والبصاق" (إش 50: 6).

 

كما تنبّأ أشعيا أيضًا بالعذاب على خشبة الصليب حين قال: "لأنّه أسلَمَ نفسَه للموت وأُحصِيَ مع العُصاة" (إش53: 12). ثمّ أضافَ ربُّنا يسوع المسيح قائلاً: "وبعد أن يَجلدوه سيَقتلونَه". كما تنبّأ داود أيضًا بقيامته حين قالَ: "لأنّكَ لن تَترُكَ نَفْسي في مَثوى الأموات" (أع 2: 27).

 

أمّا المُخلِّص، فقد جدَّد ههنا هذه النبوءة: "وفي اليومِ الثالثِ يقوم".

 

القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)​