زكا والعشق الإلهي «القوت اليومي

يا له من عشق إلهي !

 

يا لها من شهوة مباركة!

 

يا له من عشق مجنّح بالذهب أو بالأحرى بالمسيح  الذي يُصعد إلى السماء كل نفس تشتهيه. إن العشق الإلهي الذي رفعه عن الأرض دفعه ليصعد على الشجرة. لم يدعه يتطلّع بعد ذلك إلى أمور الأرض ولا أن يخالط البشر. إن المحبة الإلهية هي التي أدارت أنظاره إلى الخيرات السماوية. فهو يركض من الأرضيات إلى السماويات فيرتفع على الشجرة ويشاهد المسيح من هناك وهو بالذهن جالس على السحب.

 

وعندما رأى زكَّا الرب قال له بما يليق به: إني رفعت عينيّ إليك يا ساكن السماء. 

 

رأى زكَّا الرب وازداد فرحه. لقد مسّ قلبه فأصبح إنساناً آخر. من عشار تحوّل إلى غيور، من ملحد إلى مؤمن، من ذئب إلى خروف مُعَدّ للذبح. مَنْ الذي أحب إمرأته أو أولاده كما أحب زكَّا الرب حسبما تِظهره الوقائع نفسها. لقد وزع أمواله على الفقراء وأعطى الذين ظلمهم أربعة أضعاف. 

 

يا له من تصرّف يليق بالتلميذ الصالح! ... يا لها من قوة إلهية: إن رؤية يسوع وحدها قادته إلى الفعل. لم يعط الرب لزكا أي تعليم. حضر أمامه فاجتذب الإيمان قلبه إلى الذي كان يشتاق إليه. لقد حصل أمر مشابه لنازفة الدم. اقتربت من الرب وطلبت منه الشفاء. لم يقبل أن تلمسه بيدها. فجاءت خفية ولمست هدب ثوبة فجذبتها قوة الشفاء من اللمس كالاسفنجة. لم يكن زكا يدرك ماذا يفعل إذ أنه كان مسوقاً بالغيرة الإلهية، ملتهباً بالعشق الإلهي الروحي فصعد على الجميزة.

 


لكن الرب كشف له سرًّا وطلب منه أن ينزل. عرف أعماق نفسه. عرف شوقه المقدس. إنزلْ! تذكر آدم الذي عندما شعر بعريه اختبأ وراء شجرة التين. وأنت الذي تريد الخلاص لا تصعد على الجميزة. ينبغي لي أن أصيّرها يابسة وأزرع غيرها ... أي الصليب. تلك هي الشجرة المباركة (أي شجرة الصليب) وعليك أن تقود قدميك إليها. تلك هي التي تقود مباشرة إلى السماء ... أنت خروفي الضال وعنك أبحث. إنزل بسرعة وانتظرني في بيتك. ينبغي لي أن أستريح فيه. إني أستريح حيث يوجد إيمان. أذهبُ حيث توجد المحبة. 

 

القديس يوحنا ذهبي الفم