حُضورُ المحبّة «القوت اليومي

 

 

 

حُضورُ المحبّة

 

 

 

 

 

       على الكنيسةِ أنْ تكون حاضِرَةً وَسَطَ هذِهِ الجَماعاتِ البَشَريَّة، بِشَخْصِ أبنائِها الذين يَعيشون في ما بَينهم، أو الذين يُرسَلون إليهم. فالمَسيحيُّون أجْمَعون، أينما يَعيشون، مُلتزِمون بِأنْ يُظهِروا الإنسان الجَديدَ الذي لَبِسوهُ بِالعِمادِ وقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ الذي تقَوَّوا بِهِ بِالتثبيت، حتّى إذا ما تأمَّلَ الآخرون أعْمالهُم الصَّالِحَة، يُمَجِّدون الآب، و يُدرِكون إدراكاً أتَمَّ المَعْنى الأصيلَ لِلحَياةِ الإنسانيَّة، والرِباطَ الشَامِلَ لِوَحْدَةِ البَشر.

 

 

 

 

 

       ولكي يَتمَكّنوا مِنْ أداءِ شهادَةِ المَسيح هذِهِ أداءً مُثمِراً، فليتَّحِدوا بأولئِكَ الناس، بالإعتبارِ والمَحَبَّة، مُعترفين بأنّهُم أعْضاءٌ مِنْ هذِهِ الجَماعاتِ البَشريَّةِ التي يَعيشون في وَسَطِها. فحُضورُ المَسيحيِّين في هذهِ الجَماعات، يَجِبُ أنْ يَكون مَنفوحاً بِتِلكَ المَحَبَّةِ التي أحَبَّنا بِها الله، الذي يُريدُ أنْ نُحِبَّ بَعْضُنا بَعْضاً بِالمَحَبَّةِ ذاتَها. فالمَحَبَّة ُ المَسيحيَّة تمتدُّ حَقّاً إلى الجَميع، دونما تَمييزٍ في العِرْقِ والوَضْعِ الإجتماعِي أو الديني، كما أنّها لا تنتَظِرُ أيَّ مَكْسَبٍ أو عُرفانٍ بِالجَميل.

 

 

 

 

فكما أحَبَّنا اللهُ حُباً مَجَّانيّاً، كذلك فليُوجِّهِ المُؤمنون اهْتِمامَهُم إلى الإنسانِ بِحَدِّ ذاتِه، إذ يُحبُّونَهُ بالدافعِ نفسِهِ الذي حَدا اللهَ إلى أنْ يبحَثَ عَنِ الإنسان. وكما أنَّ المَسيحَ كان يَجولُ كُلَّ المُدنِ والقُرى شافياً كُلَّ سُقمٍ  ومَرَض، دَلالة ً على مَجيءِ مَلكوتِ الله، كذلِكَ تَرْتبِط الكَنيسة، مِنْ خِلالِ أبْنائِها، بِكُلِّ البَشَرِ مِنْ أيِّ وَضعٍ كانوا، لا سيَّما بالفُقراءِ والمُعَذ َّبين، وتبذ ُلُ بِكُلِّ سُرورٍ مِنْ أجلِهم. إنّها تَشْترِكُ في أفراحِهِم وآلامِهم، وَتعْلمُ أماني حَياتِهِم وَمَشاكِلَها، وَتتألّمُ مَعَهُم في ضيقاتِ المَوت. وإنّها تَتَمَنّى أنْ تُجيبَ الباحِثين عَنِ السَلامِ بِحِوارٍ أخَويّ، فتُقدِّمُ لهُم السَلامَ والنورَ النابِعَينِ مِن الإنجيل.

 

 

 

 

 

 (قرار في نشاط الكنيسة الإرسالي،11-12)

 

مِنْ وثائِقِ المَجْمَعِ الفاتيكاني الثاني المَسكوني