جِهادٌ إلى النِّهايَة «القوت اليومي

 

 

   أنْ نَمُوتَ في الجِهاد، ألْيَقُ بنا مِنْ أنْ نَحْيا في السَّقْطَة. هذا العالمُ ميدانُ جِهاد، وَقدْ أوْجَبَ علينا الرَّبُّ ألّا يَقِفَ جِهادُنا حتَّى النّهايَة.

 

وَمَنْ يَصْبِرْ إلى المُنْتَهى يَخْلُص. حينئذٍ يَظْهَرُ مَنْ تَجَلَّدَ وَصَبَر، وَمَنْ أدْبَرَ وَوَلَّى. لِذا يَجِبُ ألَّا يَقطَعَ الإنْسانُ رَجاءَهُ، لَعَلَّهُ في اللَّحْظَةِ الأخيرَةِ يَظْفَرُ بِعَدُوِّهِ، ويَرْتَفِعُ اسْمُهُ إلى أحَدٍ مِنَ الأبْطالِ الشُّجْعان ! فلا نَسْتَهِنْ بالصَّلاة، ولا نَمَلَّ طَلَبَ المَعونَة.

 

   وإذا اسْتَوْلى عليكَ روحُ الاسْتِخْفاف، وانْخَفَضَتْ حَرارَتُكَ، تَجْلِسُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ تَجمَعُ أفكارَكَ، وَتَبْحَثُ بِدِقَّةٍ عَمَّا هُوَ سَبَبُ الاسْتِخْفاف، وَمِنْ أيِّ نافذَةٍ تَسَلَّل ؟ وَما يُقعِدُكَ عَنِ الصَّلاةِ والعِبادَة ؟

 

   إنْ كانَ الأمْرُ يَسْتَحِقُّ التَّقويمَ فقوِّمْهُ، والقطْعَ فاقْطَعْهُ. وإنْ لَمْ تَكُنْ كَفوءًا لذلكَ، ولا مُرْشِدَ تَسْتَشيرُهُ في أمْرِكَ، فَعُدْ إلى أوَّلِ الطَّريق، وابْدَأ سيرَتَكَ مِنْ جَديد، ففي قليلٍ مِنَ الوَقتِ تَمْتَلِئُ حَرارَة، وَتَقْفُزُ الى الدَّرَجَةِ التي سَقطْتَ مِنْها. وَتَنْظُرُ بِعَيْنَيكَ الدَّرَجاتِ التي طَلَعْتَها في ارْتِقائِكَ إلى الأوَّل.

مارِ إسْحقَ السُّرْيانيّ (أواخر القرن السابع )