البشارة بملكوت الله «القوت اليومي

 

 

عند قراءة الكتاب المقدّس، يظهر جليًّا أن ما يطلبه الإنجيل لا يكمن فقط في علاقة شخصية مع الله... بل ما يطلبه هو البشارة بملكوت الله (راجع لو 4: 43)؛ فالأمر يتعلّق بمحبّة الله الذي يحكم في العالم. بقدر ما سينجح في الحكم وسطنا، ستصبح الحياة الاجتماعيّة مساحة أخوّة وعدل وسلام وكرامة للجميع. إذًا، إنّ التبشير المسيحي كما الخبرة المسيحيّة يسعيان إلى إحداث تأثيرات اجتماعيّة.

 

 

لنبحث عن ملكوته: "فَاطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه" (مت 6: 33). إنّ مشروع الرّب يسوع هو التأسيس لملكوت الآب؛ فقد طلب من رسله: "أَعلِنوا في الطَّريق أَنْ قَدِ اقتَرَبَ مَلَكوتُ السَّمَوات" (مت 10: 7).

 

إنّ الملكوت المُستَبَق والذي يكبر وسطنا، يَخُصُّ الجميع ويذكّرنا بمبدأ التمييز الذي اقترحه البابا بولس السادس في ما يتعلّق بالتطوّر الحقيقي: "كلّ الناس والإنسان بكليّته". نحن نعلم "أنّ البشارة لا تكتمل إن لم تأخذ  بالاعتبار العلاقات الملموسة والدائمة الموجودة بين الإنجيل والحياة الشخصيّة والاجتماعيّة للإنسان" (بولس السادس).

 

 

فالأمر يتعلّق بمعيار الشموليّة، الخاص بديناميكيّة الإنجيل، بما أنّ الآب يرغب في أن "يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ" (1تم 2: 4) وفي أن يتضمّن مشروع الخلاص أن "يَجمعَ تَحتَ رأسٍ واحِدٍ هو المسيح كُلَّ شَيء ما في السَّمواتِ وما في الأَرْض" (أف 1: 10).

 

المهمّة هي: "اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين" (مر 16: 15)، لأن "الخَليقةُ تَنتَظِرُ بِفارِغِ الصَّبْرِ تَجَلِّيَ أَبناءِ الله" (رو 8: 19). كلّ الخليقة تعني أيضًا كلّ جوانب الطبيعة الإنسانيّة، بحيث أنّ مهمّة إعلان بشرى الرّب يسوع المسيح السارّة لها بُعد شمولي. فوصيّته بالمحبّة تشمل كلّ أبعاد الوجود، وكلّ الأشخاص، وكلّ قطاعات الحياة الاجتماعيّة وكلّ الشعوب. ما من شيء إنساني يمكن أن يكون غريبًا عنها.

 

الإرشاد الرسولي: فرح الإنجيل (Evangelii Gaudium )،

الأعداد 180-181