"اسهَروا مُواظِبينَ على الصلاة" «القوت اليومي

 

"اسهَروا مُواظِبينَ على الصلاة" (لو21: 36)

 

كم أرغب، يا صديق الله، في أن تكون دومًا في الروح القدس خلال هذه الحياة. قال الربّ: "ومعي جَزائيَ الذي أجزي بِه كُلَّ واحِدٍ على قَدرِ عَمَلِه" (رؤ22: 12). يا للمصيبة، المصيبة الكبيرة أن يرانا مُثقَلين بهموم ومشقّات هذا العالم، فمَن يستطيع تحمّل غضبه ومَن يستطيع مقاومته؟ لهذا السبب قال: "اسهَروا وصَلّوا لئلاّ تَقَعوا في التجرِبَة" (متى26: 41)؛ أي بتعبير آخر، لئلاّ تُحرَموا من روح الله، لأنّ السهر والصلاة يمنحاننا نعمته.

 

لا شكّ في أنّ كلّ عمل حسن باسم المسيح يمنح صاحبه نعمة الروح القدس، لكنّ الصلاة تمنحنا النِّعَم أكثر من أيّ شيء آخر، لأنّها دائمًا في متناولنا. قد ترغبون مثلاً في الذهاب إلى الكنيسة، لكنّ الكنيسة بعيدة، أو القدّاس قد انتهى؛ قد ترغبون في الصدقة، لكنّكم قد لا تصادفون أيّ فقير، أو لا تملكون المال؛ ترغبون في البتوليّة، لكن ليس لديكم القوّة الكافية لذلك، بسبب تكوينكم أو بسبب أفخاخ العدوّ التي لا يسمح لكم ضعف جسدكم البشريّ بمقاومتها؛ ترغبون ربّما في إيجاد عمل حسن آخر لتصنعوه باسم المسيح، لكن ليس لديكم ما يكفي من القوّة لذلك، أو لا تسنح لكم الفرصة بذلك. أمّا بالنسبة إلى الصلاة، فلا شيء من كلّ ذلك يؤثّر عليها: كلّ شخص لديه إمكانيّة الصلاة، الغنيّ كما الفقير، المرموق كما عامّة الشعب، القويّ كما الضعيف، السليم كما المريض، البارّ كما الخاطئ...

 

 

يا صديق الله، هذه هي قوّة الصلاة. إنّها تعطينا نعمة روح الله أكثر من أيّ شيء آخر، وهي دائمًا في متناولنا أكثر من أيّ شيء آخر. طوبى لنا عندما يجدنا الله ساهرين، في كمال نِعَم روحه القدّوس. يمكننا عندئذٍ أن نأمل في أن "نُخطَفَ معَهم في الغَمام، لمُلاقاةِ المسيحِ في الجوّ" (1تس4: 17)، عندما يأتي، في تمام العزّة والجلال، ليدينَ الأحياء والأموات ويعطي كلّ واحد ما له (مر13: 26؛ 2طيم4: 1).

 

سيرافيم الساروفيّ (1759 - 1833)​