الأحد الأول بعد الدنح إعتلان سرّ المسيح ليوحنّا المعمدان «الرسالة

 

 

 

رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس (10/ 1 -11)

 

يا إخوَتِي، أَنَا بُولُسُ نَفْسي أُنَاشِدُكُم بِوَدَاعَةِ المَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا المُتَواضِعُ بَيْنَكُم عِنْدَمَا أَكُونُ

 

حَاضِرًا، والجَريءُ عَلَيْكُم عِنْدَما أَكُونُ غَائِبًا.

 

وأَرْجُو أَلاَّ أُجْبَرَ عِنْدَ حُضُورِي أَنْ أَكُونَ جَريئًا، بِالثِّقَةِ الَّتي لي بِكُم، والَّتي أَنْوِي أَنْ أَجْرُؤَ بِهَا عَلى الَّذينَ يَحْسَبُونَ أَنَّنا نَسْلُكُ كَأُنَاسٍ جَسَدِيِّين.

 

أَجَل، إِنَّنا نَحْيَا في الجَسَد، ولكِنَّنا لا نُحَارِبُ كَأُنَاسٍ جَسَدِيِّين؛

 

لأَنَّ أَسْلِحَةَ جِهَادِنا لَيْسَتْ جَسَدِيَّة، بَلْ هيَ قَادِرَةٌ بِٱللهِ عَلى هَدْمِ الحُصُونِ المَنِيعَة؛ فإِنَّنا نَهْدِمُ الأَفْكَارَ الخَاطِئَة،

 

وكُلَّ شُمُوخٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ ٱلله، ونَأْسُرُ كُلَّ فِكْرٍ لِطَاعَةِ المَسِيح.

 

ونَحْنُ مُسْتَعِدُّونَ أَنْ نُعَاقِبَ كُلَّ عُصْيَان، مَتى كَمُلَتْ طَاعَتُكُم.

 

إِنَّكُم تَحْكُمُونَ عَلى المَظَاهِر! إِنْ كَانَ أَحَدٌ وَاثِقًا بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلمَسيح، فَلْيُفَكِّرْ في نَفْسِهِ أَنَّهُ كَمَا هوَ لِلمَسيحِ كَذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا.

 

فَأَنا لا أَخْجَلُ إِنْ بَالَغْتُ بَعْضَ المُبَالَغَةِ في الٱفْتِخَارِ بِالسُّلْطَانِ الَّذي وَهَبَهُ الرَّبُّ لَنا لِبُنْيَانِكُم لا لِهَدْمِكُم.

 

ولا أُرِيدُ أَنْ أَظْهَرَ كأَنِّي أُخَوِّفُكُم بِرَسَائِلي؛

 

لأَنَّ بَعْضًا مِنْكُم يَقُولُون: «رَسَائِلُهُ شَدِيدَةُ اللَّهْجَةِ وقَوِيَّة، أَمَّا حُضُورُهُ الشَّخْصِيُّ فَهَزِيل، وكَلامُهُ سَخِيف!».

 

فَلْيَعْلَم مِثْلُ هذَا القَائِلِ أَنَّنا كَما نَحْنُ بِالكَلامِ في الرَّسَائِل، عِنْدَما نَكُونُ غَائِبين، كَذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا بِالفِعْل، عِنْدما نَكُونُ حَاضِرين.

 

 

 

 

البعد الروحي

 

 

 

كان لبولس في قورنتس أخصام، اتّهموه بأنّه ضعيف، عندما يكون حاضرًا بينهم، ولا يُظهر جرأة عليهم إلّا عندما يكون غائبًا عنهم! لكنّ بولس صلّى وقصد أن لا يكون جريئًا، ولم يُرد إلّا أن يتكلّم بثقة أولئِك المتَّهـِمين.

 

 

وأثبت لهم أنّه لا يتصرّف تصرّفـًا بشريًّا بحسب المظاهر، بل بقوَّة السلطان الذي وهبه إيّاه الربّ، لبُنيان المؤمنين، وهدْم كلّ فكر خاطئ، وشموخ ٍ يرتفع ضدّ معرفة الله والطاعة للمسيح بالإيمان الذي بشّرهم به.

 

 

 

وما أشبه شهادة بولس هذه بشهادة المعمدان: فإنّه ولو عمّد بالماء، بينما يسوع الآتي أقوى منه يعمّد بالرّوح القدس والنار، فمعموديّته كانت بوحي خاصّ من الله نَبَويّ، في شأن سرّ يسوع المسيح، الذي اعتلن له، وهو بدوره أعلنه وبشّر به بقوّة وسلطان!