سبت أسبوع مولد يوحنّا المعمدان «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (يو5/  31- 36)

 

31 لو كنت أنا أشهد لنفسي لما كانت شهادتي مقبولة.

 

32 ولكنّ آخر يشهد لي، وأنا أعلم أنّ الشهادة الّتي يشهدها لي صادقة.

 

33 أنتم أرسلتم إلى يوحنّا فشهد للحقّ.

 

34 وأنا لا أستمدّ الشّهادة من إنسان، ولكن من أجل خلاصكم أقول هذا:

 

35 كان يوحنّا السّراج الوقد السّاطع، وأنتم شئتم أن تبتهجوا بنوره ساعة.

 

36 أمّا أنا فلي شهادةٌ أعظم من شهادة يوحنّا: الأعمال الّتي أعطاني الآب أن أتمّمها، تلك الأعمال نفسها الّتي أعملها، تشهد أنّ الآب أرسلني.

 

 

أوّلاً: قراءتي للنصّ

 

 

 نصّ إنجيل هذا اليوم (يو5: 31-32) هو مقتطع من نصّ أوسع (يو5: 31-47)، فيه يجمع الإنجيليّ أربع شهادات ليسوع شهادة يوحنّا المعمدان (يو5 /33 - 35)، وشهادة الأعمال (يو 5/ 36)، وشهادة الآب (يو 5/ 37- 38) وأخيرًا شهادة الكتب المقدّسة وموسى (يو 5/ 39- 47).

 

نحن الآن، في صدد شرح إنجيل هذا اليوم، الذي يضعنا من جهة، في إطار الجدل الذي حاول يسوع فيه إقناع اليهود بأنّه هو المسيح المنتظر، والذي يقدّم لنا من جهة أخرى، عرضًا للشهادتين الأوليين من الشهادات الأربع المذكورة أعلاه، في إثبات ذلك.

 

 

 

   الآيات (31- 35)

 

يستعين يسوع هنا، لإقناع اليهود به وبرسالته الخلاصيّة، لا بشهادة يشهد هو بها لنفسه، لأنّ كذا شهادة ليس لها القوّة الكافية للإقناع، وحمل الآخر (الخصم) إلى القول بها، إذا لم تكن مسبوقة بشهادة "آخر" (ربّما الآب)، (يو8: 13- 14)، بل يستعين في خطوة أولى، بالشهادة التي أعطاها فيه يوحنّا المعمدان، عندما أرسل اليهود أنفسهم من يسأله إعطاءها به.

 

يتوقّف يسوع عند هذا الشهادة، ليقول إنّها صادقة، وإنّ يوحنّا فعلاً قد شهد للحقّ؛ ولكنّ يسوع يعود مع ذلك، ليصارح اليهود بأنّه لا يستمدّ الشهادة من إنسان، وأنّه قد قبل بشهادة يوحنّا "من أجل خلاصكم"، أنتم الذين عرفتم، ولو لفترة ساعة، أن تبتهجوا بنوره، هو "السراج الموقد الساطع"، وكأنّه يقول لهم: يا ليتكم ثبتّم في الابتهاج بنوره المتّصل بالنور الحقيقيّ الآتي من عند الله الآب، ولكنتم بالتالي، آمنتم بي.

 

 

  الآية (36)

 

 وهكذا ينتقل يسوع في خطوة ثانية، إلى شهادة أعظم من شهادة يوحنّا، هي شهادة الأعمال التي يعملها، والتي تفوق أعمال البشر؛ يعترف يسوع بأنّ الله قد أعطاه أن يتمّ هذه الأعمال، التي هي أعمال الله، والتي تشهد في ذاتها أنّ الله الآب، هو الذي أرسله إلى العالم.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

   في هذا النصّ تشديد على الشهادات، لأنّ يسوع لا يريد أن يشهد لنفسه (يو 5/ 31)؛ على أنّه في (يو8: 13- 14) يشهد لنفسه، ويؤكّد بأنّ شهادته صادقة، لأنّ شهادة الآب له سابقة، تتقدّم شهادته لنفسه.

 

 

الآيتان (33- 34)

 

 شهادة يوحنّا هامّة، ولكنّها ليست على مستوى شهادة الآب؛ هي شهادة نسبيّة (لا مطلقة)، لأنّها شهادة إنسان؛ ومع ذلك، ما قبلها اليهود (إلاّ ساعة)؛ فلو آمنوا بيوحنّا لكانوا آمنوا بيسوع ونالوا الخلاص (يو 5/ 34).

 

 

  الآية (36)

 

 الشهادة الثانية هي أهمّ من شهادة يوحنّا: شهادة الأعمال؛ الآب يعمل هذه الأعمال في الابن؛ من يرفض هذه الأعمال وما يرافقها من أقوال ليسوع، فكأنّه يرفض الآب، لأنّ لا أحد يستطيع أن يعمل هذه الأعمال إن لم يكن الله معه (يو 3: 2)؛ فعلى اليهود في النهاية، أن يروا في يسوع ابن الله (يو 10: 25- 38).

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

آخر يشهد لي (32)

 

 هذا الآخر هو الآب الذي يشهد لابنه؛ ولكن هذه الشهادة التي يعرف يسوع قيمتها، هي أرفع من أن يصل إليها اليهود.

 

 

يوحنّا السراج (35)

 

 يسوع وحده هو النور؛ كان يمكن  ليوحنّا السراج أن يقود اليهود إلى النور، ولكنّهم قبلوه لقترة، ثم رفضوه؛ قبلوا الزرع في قلب ترابٍ قليل!

 

 

الأب توما مهنّا