خميس أسبوع بشارة زكريّا «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم (يو8/ 46-50)

 

46 من منكم يوبّخني على خطيئة؟ إن كنت أقول الحقّ فلماذا لا تصدّقونني؟

 

47 من هو من الله يسمع كلام الله. وأنتم لا تسمعون، لأنّكم لستم من الله".

 

48 أجاب اليهود وقالوا له: "أما حسنًا نقول إنّك سامريّ، وبك شيطان"؟.

 

49 أجاب يسوع: "ليس بي شيطان، ولكنّي أكرّم أبي، وأنتم تحتقرونني!

 

50 وأنا لا أطلب مجدي، فهناك من يطلب ويدين.

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

الآيتان (46-47)

 

بعد أن رأى يسوع في أعمال "اليهود الذين آمنوا به" (31)، المتجلّية في مواقفهم منه ومن أقواله ما يثبت عدم بنوّتهم لإبراهيم ولله، وما يؤكّد بالأحرى، بنوّتهم لإبليس، تابع نقاشه معهم، فتحدّاهم في ثلاثة، هي التالية.

 

 

  • "من منكم يوبّخني على خطيئة؟"

 

 

نعم إنّه "البار" الذي ما عرف خطيئة، وما فعل خطيئة، ولا خطيئة فيه؛ هذا هو اعتراف الرسل والتلاميذ، والكنيسة وأبنائها عبر الأجيال؛ وهذا هو أيضًا، اعتراف كنيستنا المارونيّة، أدرجته في نوافير القدّاس، خاتمةً للتذكارات، في الإصلاح اللّيتورجيّ الأخير: واحد ظهر على الأرض بلا خطيئة هو ربّنا يسوع المسيح؛ ما من أحد بدون خطيئة، ليس إنسان معصومًا من الخطيئة، لا يمكن أن يوجد على الأرض بريء من الخطيئة، إلاّ ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح؛ التعدّي على البريء، الظلم، هو خطيئة الإنسان الكبيرة.

 

  • "إن كنت أقول الحقّ، فلماذا لا تصدّقونني؟"

 

 

كان يسوع متأكّدًا من قول الحقّ، لأنّه لم يكن يتكلّم من عنده، بل من عند الله الآب الذي أرسله؛ وقد أيّده الله بالأعمال القديرة والعجائب والآيات التي أجراها على يده (راجع رسل2: 22)؛ فرفضُ الحقّ خطيئةٌ ضدّ الروح القدس، لا تُغفَر؛ كم نتعرّض لذلك أحيانًا، لأجل مصالح عابرة. إنّ رفضَ الحقّ خطيئةٌ كبيرة تجعل صاحبها متصلّبًا في الضلال: هذا هو الهلاك.

 

 

  • "من هو من الله يسمع كلام الله"

 

يقول يسوع، ويردّد القول إنّه يتكلّم من عند الآب، ما يعني أنّه يسمع للآب، ويتكلّم بما يسمع منه: "ما سمعته أنا منه (الآب)؛ فهذا أقوله للعالم" (يو8: 26)؛ "كما علّمني الآب أتكلّم" (يو8: 28)؛ فالذي لا يسمع كلام يسوع، ولا يرغب فيه، بل ولا يطيقه، ولا يحتمله، يثبت أنّه ليس من الله.

 

 

  1. الآية (48)

ما أن سمع اليهود كلامه هذا، وقد كانوا بإيمانهم به، في محاولة اجتذابه إليهم، واعتباره في  خطّ انتمائهم اليهوديّ، حتّى أحسّوا بأنّه في واقع انفصالٍ تامٍّ عنهم، فأجابوه وقالوا له: "أما حسنًا نقول إنّك سامريّ، خاضع لقوى الشرّ، غريب عن شعب الله المختار، ويسكنك شيطان؟ إنّك مجنون". هكذا، أثبتوا أنّهم واقعون في الخطايا التي اتّهمهم يسوع بها أعلاه، وأنّهم متمادون في هذه الخطايا التي ستواصلهم إلى الحكم على يسوع البريء بالموت ظلمًا.

 

 

 

الآيتان (49-50)

 

جاء جواب يسوع على اتّهامهم، بلهجة الدفاع على الذات، فقال لهم ببساطة: "ليس بي شيطان"، لا تغلطوا وتختبؤا وراء غلطكم! وأضاف، موضحًا لهم، ومسترعيًا انتباههم إلى أنّه يهدف ممّا يقول ويعمل، لا إلى مجده، بل إلى مجد الله أبيه: "أنا أكرّم أبي"، أعترف بأنّه أرسلني، وأتكلّم بما علّمني، وأعمل أعماله...، أمجّده، أظهره، وها أنا هنا، لأنّه أرسلني لكي أحقّق الوعد بالخلاص الذي أعطاه لآبائكم...، هذا كلّ ما أفعله؛ أمّا أنتم فتحتقرونني لذلك، فاحتقاركم لي، إنّما هو احتقار لله الآب الذي أرسلني، وانتقاص للمجد الواجب له؛ وختم الربّ كلامه، منذرًا إيّاهم بأنّ الله الآب هو الذي سيمجّده، ويدين كلّ من قصّر عن تمجيده، أو انتقص من مجده.

 

 

 

 ثانيًا شرح كلمات وعبارات

 

الآية (46)

 

الخطيئة هي ما يعارض الحقّ؛ بما أنّ يسوع هو الحقّ (يو14: 6)، فليس فيه خطيئة أو كذب أو ضلال.

 

 

اليهود (48)

 

ترد هذه اللفظة (71) مرّة في إنجيل يوحنّا؛ استعملت بمعنىً يراعي اليهود (يو4: 22)، أو بمعنى حياديّ (يو8: 6)، وهنا لتدلّ على رؤساء اليهود الذين أضمروا العداء ليسوع.

 

 

 

سامريّ (48)

 

السامريّ منشقّ عن اليهود، وقريب من الوثنيّين. هو بعيد عن الإيمان الحقيقيّ.

 

 

وأنتم تحتقرونني (49)

 

هذا يعني ضمنًا، إنّكم لا تمجّدون الله كما أمجّده أنا.

 

 

الأب توما مهنّا