السبت السادس من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (يو 3 /31-36)

 

إِنَّ الَّذي يأتي مِنَ عَلُ هو فَوقَ كُلِّ شَيء والَّذي مِنَ الأَرض هُوَ أَرضِيّ يتكلَّمُ بِكلامِ أَهلِ الأَرض. إِنَّ الَّذي يأتي مِنَ السَّماء يَشهَدُ بِما رأَى وسَمِع وما مِن أَحَدٍ يَقبَلُ شَهادَتَه.

 

مَن قَبِلَ شَهادَتَه أَثبَتَ أَنَّ اللهَ حَقّ. فإِنَّ الَّذي أَرسَلَه الله يتَكَلَّمُ بِكَلامِ الله.

 

ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يَهَبُ الرُّوحَ بِغيرِ حِساب. إِنَّ الآبَ يُحِبُّ الابن فجَعَلَ كُلَّ شيءٍ في يَدِه. مَن آمَنَ بِالابن فلهُ الحَياةُ الأَبديَّة ومَن لم يُؤمِنْ بالابن لا يَرَ الحَياة بل يَحِلُّ علَيه غَضَبُ الله.

 

 

أولًا قراءتي للنصّ

 

 لا يمكن أن تكون هذه الآيات في فم المعمدان، فهي للإنجيليّ أو ليسوع نفسه، هي إكمال لحديث يسوع مع نيقوديموس، المنتهي عند الآية 21.

 

 يمكن اختصار المضمون في النقاط الثلاث التالية.

 

 

أ- هو الآتي من فوق، فهو فوق الجميع ، الآب يحبّه، وقد أرسله إلى العالم، وجعل في يده كلّ شيء(1قور 15/24-28).

 

 

ب- لذلك، فهو يشهد بما رأى وسمع، وينطق بكلام الله، ويعطي الروح القدس بغير حساب.

 

ج- من يقبل شهادته يختم على أنّ الله صادق، وينال حياة أبديّة، ومن لا يقبل شهاداته، لن يرى الحياة، وغضب الله يستقرّ عليه.

 

 

 بالنسبة إلى الإنسان، بالنسبة إلى كلّ منّا، قبول يسوع أو عدم قبوله هو الأمر، هو القرار لأنّ فيه تقرير المصير. إمّا حياة أبديّة، في حال قبوله، وإمّا غضب إلهيّ ابديّ، في حال عدم قبوله، إذًا، القبول المطلوب هو قبول، لا تردّد فيه، ولا مشاركة، إنّه قبول بكلّ معنى الكلمة، إنّه قبول من قَبِلَ كلّ ما في الإنسان، من عقله وقلبه وشعوره...، وليس فقط قبولًا اجتماعيًّا بالوراثة وبالتعليم! لذلك قال الرّب:"من قبل شهادته، فقد ختم على أنّ الله صادق"(33).

 

 يتبع هذا المقطع الأخير (31-36) من الفصل الثالث كلام يوحنّا المعمدان على يسوع، لكن يستحيل نسبته إلى المعمدان، لذلك، نقول إنّه كلام الإنجيلي عينه، بل قد يكون كلام يسوع بالذات، تابع لحديثه مع نيقوديموس، المنتهي بالآية (21)

 

 

الآية (35)

الله سيّد الحياة، يقيم الموتى ويحييهم (5/21)، ولقد أعطى الابن هذه السيادة، أعطاه السلطان على نفسه  فيبذلها ويسترجعها من تلقاء ذاته (10/18)، وأعطاه أن يحيي من يشاء (5/21)، ولقد أخضع الله الآب كلّ شيء للابن (يو 10/28-29 ، 13/3)، وهذا أساس ملكه (12/13-15) الذي حقّقه بالقيامة (يو 12/32)، وفي آخر الأزمنة، يُخضع اللهُ الآب للابن كلّ شيء، فينهي الابن عمله الخلاصيّ، ويسلّم الآب كلّ الملك، ليصبح الله الآب كلًّا في الكلّ (1قور 15/24-28).

 

 

 

ثانيًا شرح عبارات وكلمات

 

 

 الآتي من فوق (31)

 

هو يسوع بأصله السماوي.

 

من كان من الأرض(31)

 

هو يوحنّا المعمدان ، من عالم البشر ، من عالم المخلوق.

 

يشهد بما رأى وسمع(32)

 

يعلّم بما رأى وسمع، إذن شهادته كاملة، وكلّ شهادة غير شهاداته ناقصة.

 

الآية (23)

 

من قَبِلَ شهادته، أي من ختم، وقّع، فدلّ على قبوله، لا على رفضه، هذا يعني أنّه قَبِلَ الحقيقية التي جاء بها يسوع ، وأعلن أنّ الله يعمل فيه من أجل خلاص العالم، فمَن قَبِلَ بذلك "فقد ختم على أنّ الله صادق"، وهو حاضر في العالم بحضور يسوع وكنيسته.

 

 

الآية (36)

 

الإيمان الذي هو تعلّقٌ واثقٌ بشخص الابن هو الشرط الوحيد لنوال الحياة الأبدية، أمّا من يرفض الإيمان، فيتعرّض لغضب الله، أيّ لدينونته وعقابه، نشير هنا إلى أنّ "الغضب" صورة تدلّ على رفض الله للشرّ وللخطيئة (راجع رو 1/18) فإنّ غضب الله يُعلَن من السماء على كلّ كفر وظلم يفعله الناس، الذين يحسبون الحقّ في الظلم."

 

 

الأب توما مهنّا