السبت السابع من زمن القيامة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (متّى 5: 43-48)

 

43 "سَمِعتُم أَنَّه قِيل: "أَحْبِبْ قَريبَك وأَبْغِضْ عَدُوَّك.

 

44أَ مَّا أَنا فأَقولُ لكم: أَحِبُّوا أَعداءَكم، وصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم،

 

45 لِتَكونوا أبناءَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَاوات، لأَنَّه يُشرِقُ بِشَمْسِهِ على الأَشرارِ والأَخيار، ويَسكُبُ غَيثَهُ على الأَبرارِ والفُجَّار.

 

46 فإِن أَحْبَبْتُم الذينَ يُحِبُّونَكُم، فأَيُّ أَجْرٍ لكم؟ أَلَيسَ العَشّارونَ أنفُسُهُم يفعَلونَ ذلك؟

 

47 وإِن سلَّمتُم على إِخوتِكُم وَحدَهُم، فأَيَّ فضلٍ عَمِلتُم؟ أَوَلَيسَ الوَثَنِيُّونَ أنفُسُهُم يَفعَلونَ ذلك؟

 

48 فكونوا أَنتُم كامِلين، كما أَنَّ أَباكُمُ السَّماويَّ هو كامِل".

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

يشير يسوع إلى ما يتميّز به تعليمه في محبّة الآخرين، عن التعاليم المألوفة والمعمول بها عامّة، والسائدة في المجتمع، إذ هذه كلّها تأمر، بل تقبل بمحبّة القريب، وببغض العدوّ، أمّا هو، يسوع، فيأمر بمحبّة العدوّ أيضًا، وبالصلاة لأجله لكي يتوب؛ تجدر الإشارة، هنا، إلى أنّ القريب يتحدّد بالرابط الدمويّ أو الرابط العاطفيّ أو الشخصيّ أو بالمصلحة المتبادلة؛ ولكنّه يتحدّد، بالمعنى المسيحيّ الحصريّ، بالمحتاج إلى آخر يلتقي به في هذه الحياة ويجد لديه ما يؤمّن له حاجاته (راجع لو 10: 29-37)؛ أمّا العدوّ، فهو الذي يتعدّى ويضرّ ويظلم...

 

 

 

يبرّر يسوع محبّة الأعداء بالجديد الذي آتانا به وزرعه فينا، فأصبحنا به، أبناء أبينا الذي في السماوات، الذي يشرق بشمسه (ليس فقط كونه الخالق، بل المخلّص أيضًا)، على الأشرار والأخيار، ويسكب غيثه على الأبرار والفجّار؛ فكما أبونا الذي في السماوات، كذلك علينا نحن أن نكون: فنغمر الجميع بمحبّتنا، القريب والعدوّ، ونتفوّق بالفعل على العشّارين والوثنيّين، فيكون أجرنا وفضلنا، عندئذ، في هذا التفوُّق الذي يجعلنا كاملين، كما أنّ أبانا السماويّ هو كامل.

 

 

 

بهذا التعليم، يبلغ بنا يسوع إلى القمّة في برنامج ملكوته الجديد، وهي أن نحبّ جميع الناس، حتّى أعداءَنا ومضطهدينا، لنكون، فعلًا، أبناء أبينا الذي في السماوات، ونكون كاملين كما أنّ أبانا السماويّ هو كامل؛ لم ترد عبارة "أبناء الله" إلّا لفاعلي السلام (5: 9)، و"أبناء أبيكم" إلّا لمحبّي الأعداء (5: 45).

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

يذكر العهد القديم محبّة القريب (في لا 19: 18)، ولا يفرض محبّة الأعداء؛ عند الأسيانيّين، مَن ليس مِن جماعتهم يُبغَض ويسلَّم إلى عدالة الله؛ لذلك، كان المبدأ التالي: الغريب هو العدوّ، أي كلّ من ليس من جماعتي، من بلدتي، من طائفتي، ليس قريبي؛ أمّا تعليم يسوع، فهو مغاير لمثل هذا التعليم: على المسيحيّ أن يعتبر كلّ إنسان قريبًا له، لا أحد غريب بالنسبة إليه، وبالتالي، ليس لديه أعداء؛ هكذا يقتدي بالآب السماويّ الذي لا يفرّق  بين الأخيار والأشرار حين يشرق شمسه أو يرسل مطره.

 

 

المطلوب إذن أن يفترق المسيحيّ عن اليهوديّ، عن العشّار، وعن الوثنيّ؛ المطلوب من المسيحيّ هو الكمال على مثال الآب السماويّ، مثال رفيع يوجّه طريق المؤمن، ويحمله على أن يستهدفه به طوال حياته الزمنيّة.

 

 

الأب توما مهنّا