السبت الرابع من الصوم الكبير «الإنجيل

 

إنجيل اليوم  (مر 3: 1-12)

 

1 وَعَادَ يَسُوعُ فَدَخَلَ المَجمَع. وكانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَة.

 

2 وكانوا يُراقِبُونَ هَل يَشفِيهِ يَومَ السَّبت، لِيَشْكُوه.

 

3 فقالَ لِلرَّجُلِ الَّذي يَدُهُ يَابِسَة: "قُمْ في الوَسَط!".

 

4 ثُمَّ قالَ لهم: "هَل يَحِلُّ في السَّبتِ عَمَلُ الخَيرِ أَم الشَّرّ؟ تَخليصُ نَفْسٍ أَم قَتْلُها؟" فظَلُّوا صامِتين.

 

5 فأَجالَ يَسُوعُ نَظَرَهُ غاضِبًا، حَزِينًا لِقَساوةِ قُلوبِهم، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: "مُدَّ يَدَك". ومَدَّ يَدَهُ فعادَت صَحيحَة.

 

6 وفي الحَالِ خَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ معَ الهِيرودُسِيِّين، وأخَذُوا يَتَشَاوَرُون علَيهِ لِيُهلِكوه.

 

7 وانَصَرَفَ يسوعُ معَ تَلاميذِه إِلى البُحَيرَة ، وتَبعَه جُمهُورٌ غَفِيرٌ مِنَ الجَليل، ومِنَ اليَهوديَّة،

 

8 ومِن أُورَشليمَ ومن أَدومَ وعِبرِ الأُردُنّ، ومن نَواحي صورَ وصَيدا، جُمهُورٌ غَفِيرٌ، سَمِعوا بِكُلِّ ما صنَع، فأتَوا إِليه.

 

9 وأَمَرَ تَلاميذَه أَن يُعِدُّوا لهُ قَارِبًا، يَكُونُ بِتَصَرُّفِهِ، لِئَلَّا تَزحَمُهُ الجُمُوع،

 

10 لأَنَّه شَفى كَثيرين، فَصَارَ كُلُّ مَن بِه دَاءٌ يتَهافَتُ علَيه لِيَلمُسَهُ.

 

11 وكانتِ الأَرواحُ النَّجِسَة، حِينَ ترَاه، تَسقُطُ أمَامَهُ وتَصرُخُ قَائِلة: "أَنتَ هو ابنُ الله".

 

12 وكانَ يَسُوعُ يُحَذِّرُهَا بِشِدَّةٍ مِن أن تُشهِرَهُ.

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل "الشفاء يوم السبت" (1-6)، وله نصّ موازٍ في متّى (12: 9-14)، وآخر في لوقا (6: 6-11)؛ والثاني "زحف الجموع" (7-12)، وله نصّ موازٍ في متّى (4: 25؛ 12: 15-16)، وآخر في لوقا (6: 17-19).

 

 

 تحت العنوان الأوّل (1-6)

 

كلام عن شفاء رجل يده يابسة؛ أتمّ يسوع هذا الشفاء في المجمع يوم السبت، تحت مراقبة الفرّيسيّين والهيرودسيّين العدائيّة له، وبعد تحدّيه لهم بدعوة الرجل الذي يده يابسة إلى الوسط، وبطرح السؤال التالي عليهم: "هل يحلّ في السبت عمل الخير أم عمل الشرّ؟، تخليص نفس أم قتلها؟ موقظًا هكذا، صفاء الضمير فيهم، ومحاولًا استمالتهم إليه من باب الخير! ولكنّهم لم يجيبوه على سؤاله، وظلّوا صامتين؛ فأجال يسوع عندئذٍ نظره فيهم، غاضبًا على رفضهم، وحزينًا على تصلّبهم في الرفض، لقساوة قلوبهم؛ وقال للرجل: "مُدَّ يدك"، فعادت صحيحة! وكانت ردّة فعلهم أن خَرَجوا من المجمع، وأخذوا يتشاورون عليه ليهلكوه.

 

 

 تحت العنوان الثاني (7-12)

 

كلام عن ذهاب يسوع، مع تلاميذه، إلى البحرية، وعن اتّباع جمهور غفير له، من الجليل ومن اليهوديّة ومن أورشليم ومن أدوم وعبر الأردّن، ومن صور وصيدا؛ أتى هؤلاء إلى يسوع، بعد أن سمعوا بكلّ ما صنع من أعمال خير قديرة، وبعد أن رأوه يشفي الكثيرين من بينهم، وشاهدوا الأرواح الشرّيرة التي كان يطردها، تسقط أمامه وتصرخ قائلة: "أنت هو ابن الله"!

 

فَلْنستحضرْ مشهد هذا الجمهور الغفير حول يسوع، وَلْنتصوّرْ من خلاله، أجواق ممجِّديه القدّيسين على الأرض وفي المساء، وَلْنَتُقْ إلى أن نكون منهم وبينهم.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 نقرأ في (مر 2: 23-28)، ونتعلّم أنّ خدمة القريب أهمّ من ممارسة الفرائض والطقوس؛ وهنا في المجمع، ويوم السبت، وبمناسبة وجود رجل يده يلبسة، يطرح يسوع، أمام الفرّيسيّين المتعصّبين للشريعة، والهيرودوسيّين خادمي السلطة الرومانيّة، التساؤل التالي "هل يحلّ في السبت، عمل الخير أم عمل الشرّ؟ تخليص نفس أم قتلها". فظلّ هؤلاء صامتين، لأنّ تعليمه يثير سخطهم، ومخالفته لشريعة السبت تدفعهم إلى التخطيط للتخلّص منه.

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 يراقبونه (2)

 

كان الفرّيسيّون يراقبون يسوع: هل يشفيه؟ لا تعني كلمة "يراقبون"، هل يستطيع أن يشفيه، وهو صانع المعجزات، بل هل يتجرّأ على أن يشفيه؟ لأنّ معالجة المرضى محرَّمة يوم السبت، ما لم يكن المريض في خطر الموت؛ وبما أنّ الكسيح أو صاحب اليد اليابسة ليسا في هذا الوضع، فلماذا لا ينتظر يسوع، ويجري المعجزة في يوم آخر؟

 

 

 قُمْ في الوسط (3)

 

كان المريض على الهامش، رفعه يسوع إلى الوسط، وشفاه.

 

 الأرواح النجسة (11)

 

عرف الشياطين مَن هو يسوع، ولكنّهم لم يؤمنوا به، لهذا ولأسباب أخرى، كان يسوع يسكتهم.

 

 الآية (4)

 

ميّز يسوع  عملًا سيقوم به (عمل الخير، إعادة الحياة بإعادة اليد التي توفّر العيش)،من عمل خصومه الذين يراقبونه: حين يرفضون الجواب، يحملون الشرّ إلى هذا الرجل، يقتلونه؛ والحال، السبت هو اليوم الذي يُصنع فيه الخير، ولكنّه صار مع الفرّيسيّين اليوم الذي يُصنَع فيه الشرّ والقتل؛ لم يعد يوم السبت يوم البركة، بل يوم هلاك للضعفاء.

 

 

 الآية (7)

 

الجموع هي من العالم اليهوديّ ومن العالم الوثنيّ؛ البحر يرمز إلى عالم الشرّ والموت؛ أهداف الجموع المتدفّقة على يسوع ملتبسة: البحث عن نجاح مادّيّ، ورفض المسيرة المؤديّة إلى الصليب.

 

 

الأب توما مهنّا