السبت الثالث من زمن القيامة «الإنجيل

إنجيل اليوم (يو6: 60 -71)

 

60 فلمّا سمعه كثيرون من تلاميذه، قالوا: "إنّ هذا الكلام صعبٌ، من يقدر أن يسمعه؟".

61 وعلم يسوع في نفسه أنّ تلاميذه يتذمّرون من كلامه هذا، فقال لهم: "أهذا يسبّب شكًّا لكم؟

62 فكيف لو شاهدتهم ابن الإنسان صاعدًا إلى حيث كان أوّلاً؟

63 الرّوح هو المحيي، والجسد لا يفيد شيئًا. والكلام الّذي كلّمتكم أنا به هو روحٌ وهو حياة.

64 لكنّ بعضًا منكم لا يؤمنون".قال يسوع هذا لأنّه كان من البدء يعلم من الّذين لا يؤمنون، ومن الّذي سيسلمه.

65 ثمّ قال: "لهذا قلت لكم: لا أحد يقدر أن يأتي إليّ، ما لم يعط له ذلك من لدن الآب".

66 من تلك السّاعة ارتدّ عن يسوع كثيرون من تلاميذه، ولم يعودوا يتبعونه.

67 فقال يسوع للاثني عشر: "وأنتم، ألا تريدون أيضًا أن تذهبوا؟".

68 أجابه سمعان بطرس: "يا ربّ، إلى من نذهب، وكلام الحياة عندك؟

69 ونحن آمنّا، وعرفنا أنّك أنت قدّوس الله".

70 أجابهم يسوع: "أما أنا اخترتكم، أنتم الاثني عشر؟ مع ذلك فواحدٌ منكم شيطان!".

71 وكان يشير إلى يهوذا ابن سمعان الإسخريوطيّ، الّذي كان مزمعًا أن يسلمه، وهو أحد الاثني عشر.

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 كان للتلاميذ موقف من كلام الربّ: استصعب كثيرون منهم كلامه عن "خبز الإفخارستيّا"، فأجابهم يسوع، مشيرًا أوّلاً إلى ما هو أصعب لديه، كواقعة صعوده القادمة إلى حيث كان أوّلاً (62)، ومحاولاً، ثانيًا، رفعهم من مستوى الجسد الذي لا يفيد شيئًا في هذا المجال، إلى مستوى الروح، حيث كلامه الذي هو روح وهو حياة (63)؛ ولكن، لا إشارته ولا محاولته، حالتا دزن اتّخاذ البعض منهم، موقف اللاّإمان والقرار بتسليمه.

 

فاستعاد يسوع أمامهم ما سبق وقاله (44): "لا أحد يقدر أن يأتي إليّ، ما لم يعط له ذلك من لدن الآب" (65)؛ وتوجّه إلى الاثني عشر، مستعملاً عن موقفهم؟ فأجابه بطرس، بصيغة جمع المتكلّم، وبنظرة إليه في سموّ فرادته،، ومن مستوى الحياة والروح الذي حاول يسوع رفعهم إليه، قائلاً: "يا ربّ، إلى من نذهب، وكلام الحياة عندك؟" (68)؛ ثمّ أعلن إيمانه الذي هو أيضًا إيمانهم، بيسوع وبمن هو بالنسبة إلى الله، قائلاً: "ونحن منّا، وعرفنا أنّك قدّوس الله" (69).

نورد، نوضيحًا لهذا التعريف ليسوع، التعريفين المتقاربين التاليين له: "أنت مسيح الله" (لو9: 20)، "والقدّوس البارّ" (رسل 3: 14)؛ هذه التعاريف الثلاثة ليسوع هي صدًى لكلامه عن نفسه (يو 10: 36): "فكيف تقولون لي، أنا الذي قدّسه الآب وأرسله إلى العالم: أنت تجدّف، لأنّي قلت: أنا ابن الله".

ويختم يوحنّا الفصل السادس من إنجيله، وكأنّه يضعنا أمام سرّ الإنسان وسرّ خلاصه بالذات، عندما يشير إلى أنّ يسوع أعلم الاثني عشر الذين "اخترتكم"، بأنّ "واحدًا منكم شيطان!" (71)، ألا وهو يهوذا بن سمعان الإسخروطيّ.

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

كثيرون من التلاميذ، كما اليهود، انصدموا بكلامٍ عن جسدٍ يؤكل ودمٍ يشرب، لأنّهم توقّفوا عند المعنى المادّيّ، ولم  يرقوا إلى ما يشير إليه الخبز والخمر على لسان يسوع: الخبز –الجسد، أي يسوع كلّه يقدّم ذاته من أجلنا؛ الخمر- الدمّ، أي حياة يسوع تعطى لنا.

 

الآية (63)

 الإنسان الذي يبقى على مستوى الجسد، على المستوى البشريّ، لا يقدر، بذاته، أن يدرك المعني العميق، الخلاصيّ، لأقوال يسوع وأعماله، وبالتالي، أن يؤمن به؛ أمّا الإنسان الذي يسمو إلى مستوى الروح، فإنّه يحظى بقوّة جديدة، قوّة الحياة، التي تغيّره، وتفتح عينيه، لكي يكتشف الكلمة التي تجسّد تعبيرها التامّ في يسوع.

 

 شرح عبارات وكلمات

أ- الآية (62)

 صعود الربّ على الصليب هو، في نظر البشر، الصدمة الكبرى،ولكنّه في نظر الإيمان، هو بدء عودة ابن الإنسان إلى المجد الذي كان له منذ خلق العالم.

 

الآية (64)

معرفة يسوع السابقة لمن سوف يسلّمه تعني أنّه كان يشرف على آلامه ، ولم يؤخذ إليها على غفلة. هناك نصوص تشير غلى أنّه كان يعرف ساعته (11/ 4؛ 13/ 1)، وكان مستعدًّا على أن يذهب إلى ملاقاتها.

الآية (65)

لا يتمّ المجيء إلى يسوع بقدرةٍ محض بشريّة ، بل بنعمة خاصّة من الله، وبتجاوب المؤمن مع هذه النعمة.

الآية ( 70)

اختيار يسوع الاثني لا يفترض إلغاء حرّيتهم؛ لهذا ظلّ بإمكانهم أن يقبلوا الاختيار، كما أن يرفضوه؛ فيهوذا الذي رفض الاختيار صار بيد الشيطان.

 

الأب توما هنّا