السبت الثالث عشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم ( لو 14/ 25-35)

 

 

25 كان جموعٌ كثيرون سائرين مع يسوع، فالتفت وقال لهم:

 

26 "إن يأتِ أحدٌ إليّ ولا يبغض أباه وأمّه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، حتّى نفسه أيضًا، لا يقدر أن يكون لي تلميذًا.

 

27 ومن  لا يحمل صليبه ويتبعني، لا يقدر أن يكون لي تلميذًا.

 

28 فمن منكم يريد أن يبني برجًا، ولا يجلس أوّلاً فيحسب نفقته، إن كان عنده ما يكفي لإكماله؟

 

29 لئلاّ يضع الأساس ويعجز عن إتمامه، فيبدأ جميع النّاظرين يسخرون منه.

 

30 ويقولون: هذا الرّجل بدأ ببناءٍ وعجز عن إتمامه.

 

31 أو أيُّ ملكٍ ينطلق إلى محاربة ملكٍ آخر مثله، ولا يجلس أوّلاً ويفكّر هل يقدر أن يقاوم بعشرة آلافٍ ذاك الآتي إليه بعشرين ألفًا؟

 

32 وإلاّ فما دام ذاك بعيدًا عنه، يرسل إليه وفدًا يلتمس ما يؤول إلى السّلام.

 

33 هكذا إذًا، كُلُّ واحدٍ منكُم لا يَتَخَلَّى عن كُلِّ مُقتَنياتِهِ، لا يقدر أن يكون لي تلميذًا.

 

34 جيّدٌ هو الملح، ولكن إذا فسد الملح، فبماذا يعاد إليه طعمه؟

 

35 فلا يصلح للأرض ولا للمزبلة، فيطرح خارجًا. من له أذنان سامعتان فليسمع!".

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 

 يتوجّه يسوع هنا، إلى كلّ راغب، من بين الجموع الكثيرين السائرين معه، في أن يصير تلميذًا له، ويحدّد له المقتضى المطلوب لذلك، وهو في اثنين:

 

 "أن يبغض أباه وأمّه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، وحتّى نفسه أيضًا" (26)، أي أن لا يفضّل أيًّا من هؤلاء جميعًا على يسوع الذي تتلمذ له ( لو 9/ 57-62). "وأن يحمل صليبه ويتبعه" (27)، أي أن يتحمّل ما سوف يلقى من صعوبات ومضادّات، أيًّا كان نوعها وطبيعتها، وأن يضع نفسه، في كلّ يوم، وفي كلّ لحظة، في اتّجاه المسيح.

 

 

 

من يرغب في بناء برج، وبمشروع من يريد محاربة ملك آخر مثله؛ فتحقيقه يتطلّب، كما يتطلّب كلّ من المشروعين المذكورين، درسًا رصينًا مسبقًا، وتقديرًا دقيقًا لمقتضيات التحقيق من جهة، وللإمكانيّات المتوفّرة لهذا التحقيق من جهة أخرى؛ وإلاّ سيتعرّض لمغامرة فاشلة ولهزيمة مخزية؛ ويختم الربّ تنبيهه هذا بالإشارة إلى مقتضى جديد للتّلمذة له، متضمّن في المقتضى الأساسيّ الوارد أعلاه (في الآية 26)؛ هذا المقتضى الجديد هو في قدرة التلميذ على التخلّي عن كلّ مقتنياته (33).

 

 

 

 الآيتان ( 34-35)

 

 

يتكلّم يسوع في هاتين الآيتين عن الملح الذي هو جيّد في ذاته، ولكنّه قابل للفساد؛ فإذا ما فسد الملح، فإنّه يفقد طعمه الجيّد، ولا يعود بالإمكان إعادته إليه، ويصبح هكذا غير مفيد، لا للأرض وحتّى لا للمزبلة، فيطرح خارجًا؛ بكلامه عن الملح، أراد يسوع أن يشبّه التلميذ بالملح: فكما الملح في ذاته، وبالنسبة إلى الأرض وأشيائها، هكذا التلميذ في ذاته، وبالنسبة إلى الآخرين.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

يفهم يسوع، في هذا النصّ ( 14/ 25-35)، الجموع الكثيرة التي ترافقه، أنّ الحياة حسب الملكوت تبدو خسارة في نظر الّذين يحصرون النجاح في الغنى والسلطة والنفوذ.

 

 

 الآية ( 26)

 

مطلوب ممّن يتبع المسيح ويتتلمذ له، أن يجعل محبّته لسواه أقّل، ومحبّته له تمرّ قبل سواه، حتّى قبل محبّة الرجل لزوجته.

 

 

 الآيات (28-33)

 

هذان المثلان خاصّان بلوقا؛ أمام مشروع هامّ، كبناء برج أو محاربة عدوّ، نفكرّ، قبل أن نقدم على العمل؛ هذا ما يجب أن يقوم به الراغب في اتّباع المسيح؛ نلاحظ أنّ لوقا استنتج (33)، من هذين المثلين، نداءً إلى التخلّي والتجرّد ( راجع لو 12/ 13-34؛ 16/ 1-13؛ 18/ 24-30).

 

 

 الآيتان ( 34-35)

 

على التلميذ أن يبقى أمينًا لتعليم الإنجيل ( ملحًا جيّدًا)، وإلاّ يرمى خارجًا (كالملح الفاسد)؛ التعبير "من له أذنان سامعتان، فليسمع"، يدّل على أهمّيّة النداء الذي يطلقه يسوع.

 

 

 

الأب توما مهنّا