الخميس الرابع من الصوم الكبير «الإنجيل

 

إنجيل اليوم  (متّى 15: 29-39)

 

 

29 وانتَقَلَ يسوعُ من هُناك، وأتَى إلى نَاحِيَةِ بَحرِ الجَليل، وصَعِدَ الجَبَلَ فَجَلَسَ هُناكَ.

 

30 وَدَنَا مِنهُ جُموعٌ كَثيرة، ومعَهم عُرْجٌ، وعُمْيان، ومُقعَدُون، وخُرْسٌ، ومَرْضَى كَثِيرون. وطَرحُوهم عِندَ قَدَمَي يَسُوعَ فَشَفَاهُم.

 

31 حَتَّى تَعَجَّبَ الجَمعُ لَمَّا رأَوا الخُرسَ يَتَكَلَّمون، وَالمُقعَدِينَ يُشفَون، والعُرْجَ يَمشونَ، والعُميَ يُبصِرون. فَمَجَّدوا إِلهَ إِسرائيل.

 

32 ودَعا يسوعُ تَلاميذَه وقالَ لَهم: "أَتَحَنَّنُ على هذا الجَمْع، لإِنَّهم يُلازِمونَني مُنذُ ثَلاثَةِ أَيَّام، ولَيسَ لَهُم ما يأكُلون. ولا أُريدُ أَن أَصرِفَهم صائمين لِئَلاَّ تَخورَ قُواهُم في الطَّريق".

 

33 فقالَ لَه التَّلاميذ: "مِن أَينَ لَنا في البرِّيَةِ خُبزٌ بِهذا المِقدَارِ حتَّى يُشبِعَ هذا الجَمْعَ الغَفير؟".

 

34 فقالَ لَهم يسوع: "كَم رَغيفًا لَديكُم؟" فَقَالُوا: "سَبعَة أرغِفَة، وبَعضُ سَمَكاتٍ صِغار".

 

35 وأَمَر يَسُوعُ الجَمْعَ أن يَجلِسُوا على الأَرض.

 

36 وأَخذَ الأَرغِفَةَ السَّبعَةَ والسَّمَكات، وشكَرَ وكَسَرَ وبَدَأَ يُناوِلُ التَلاميذ، والتَّلاميذُ يناوِلون الجُمُوع.

 

37 فأَكَلوا جَمِيعُهُم وشَبِعُوا، ورَفعوا مِنَ فَضَلاتِ الكِسَرِ سَبعَةَ سِلالٍ مَملُوءَة.

 

38 وكانَ الآكِلونَ أَربَعَةَ آلافِ رَجُل، ما عدا النِّساءَ والأَطفَال.

 

39 وَبَعدَ أن صَرَفَ الجُموعَ ركِبَ السَّفينَة، وجاءَ إِلى أَرضِ مَجدَل.

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل "شفاء كثيرين" (9-31)؛ والثاني "تكثير ثانٍ للخبز والسمك" (32-39)؛ لهذا الأخير نصّ موازٍ في مرقس (8: 1-10)؛ يتفرّد متّى ومرقس بخبر تكثير ثانٍ للخبز والسمك، دون لوقا ويوحنّا؛ فالتكثير الأوّل (14: 13-21) جرى في منطقة يهوديّة، ويتميّز بأعدادٍ رمزيّة تشير إلى الشعب اليهوديّ (خمسة أرغفة، وخمسة آلاف رجل، اثنتي عشرة قفّة مملوءة)؛ أمّا التكثير الثاني فقد جرى في منطقة وثنيّة شرقيّ البحيرة، ويتميّز بأعدادٍ رمزيّة تشير إلى العالم الوثنيّ (أربعة آلاف رجل، سبعة أرغفة، وسبع سلال مملوءة)؛ بذلك، يكون التكثيران علامةً واضحةً لرسالة يسوع الخلاصيّة الشاملة.

 

 

 

تحت العنوان الأوّل (29-31)

 

يصف لنا متّى الإنجيليّ مشهدًا من مشاهد حياة يسوع الظاهرة للبشريّة؛ فَلْنتصوّرْ هذا المشهد في واقعيّته الجغرافيّة والإنسانيّة والروحيّة؛ أتى يسوع إلى ناحية بحر الجليل، وصعد إلى الجبل، وجلس هناك؛ لحقت به جموع كثيرة، ودنت منه وأحاطت به، وكان مع تلك الجموع، يقول متّى ببعض التفصيل، عرج، عميان، مقعدون، خرس ومرضى كثيرون؛ وكان هؤلاء مطروحين عند قدميّ يسوع؛ يا لَلمَشهَد البشريّ الحزين! وإذا بيسوع يشفيهم جميعهم! فتعجّب الجمع لَمّا رأوهم معافين، ولَمّا رأوا الخرس يتكلّمون، والمقعدين يشفون، والعرج يمشون، والعميان يبصرون؛ يا لَلمَشهَد الإيماني المفرح! فمجّد الجميع إله إسرائيل.

 

 

 

 

 تحت العنوان الثاني (32-39)

 

 

ويتواصل المشهد في لوحة ثانية. يرينا متّى الإنجيليّ يسوع خاصًّا الجمع كلّه، لا المرضى فقط، بلفتة عنايته وحنانه، إذ هم كلّهم بحاجة إليه؛ فيدعو تلاميذه، ويسترعي انتباههم إلى واقع الجوع الذي يعاني منه كلّ الجمع، إذ ليس لديهم ما يأكلون منذ ثلاثة أيّام، وإلى أنّه "لا يريد أن يصرفهم صائمين، لئلّا تخور قواهم على الطريق"، ويسألهم: ما العمل؟ انطلقَ التلاميذ، بدورهم، من واقع الحال الراهن (وجودهم في برّيّة، بُعدُهُم عن المدينة، لديهم فقط سبعة أرغفة وبعض سمكات صغار، والجمع مؤلَّف من أربعة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال)، وأجابوا يسوع بأنّ ليس لديهم أيّ معطيات لاقتراح حلّ ممكن!. عندئذٍ، توجّه يسوع إلى الجمع، وأمرهم بالجلوس على الأرض، وأخذ ما لدى التلاميذ، الأرغفة السبعة والسمكات، وشكر وكسر وأعادها إليهم (خبزًا إفخارستيًّا)، بعد أن جعلها تشبع الجمع الغفير؛ فمعه اللاممكن يصبح ممكنًا (لو 1: 37).

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 انتقل يسوع إلى الوثنيّين، وعلّمهم كما علّم اليهود من على الجبال (راجع 5: 1)؛ وشفى يسوع "العميان والعرج والصمّ"، من بينهم، كما في العالم اليهوديّ (11: 5-6)؛ أطعم الآتين من بعيد، كما أطعم اليهود؛ ومجّدت الجموع الوثنيّة، كما الجموع اليهوديّة، إله إسرائيل.

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 تحنَّنَ على هذا الجمع (32)

 

دعا يسوع تلاميذه ليسمعهم شكواه وحبّه تجاه الجمع الوثنيّ الجائع إلى كلام الله، لا إلى الخبز فقط.

 

 

 ثلاثة أيّام (32)

 

دلالة على تعلّق هؤلاء الناس بيسوع، وعلى تهيئتهم للقاء الرّب.

 

 لا أريد (32)

 

يستقبل يسوع الناس، ويجمعهم، ويطعمهم، ولا يسمح أن تخور قواهم في الطريق.

 

 سبعة أرغفة (34) وسبع سلال (37)

 

وجد هذا الخبز في محيط هِلِّنِستيّ (يونانيّ - وثنيّ)، وتوجّه إلى العالم  الوثنيّ.

 

 

 العدد 4

عدد أطراف الكون الأربعة.

 

العدد 5

عدد مقدّس في العالم اليهوديّ.

 

العدد 7

هو رقم الخدّام في أعمال الرسل (6: 1-3) - إطار وثنيّ؛ ويدلّ على الكمال.

 

العدد 12

هو رقم الرسل، ويدلّ على الكمال.

 

العدد 1000

هو عدد كبير جدًّا (مكعَّب 10: 10×10×10).

 

العدد 70

هو عدد الأمم الوثنيّة (لكلّ خادم عشرة أمم).

 

العدد 5000:

هو علامة الجماعة الكاملة في نهاية الأزمنة.

 

 

هذا يعني أن عددًا كبيرًا قد أكلوا من خبز الحياة وشبعوا؛ ولمّا جمعت القفف (خاصّة باليهود)، والسلال (خاصّة بالوثنيّين)، المليئة بالكسر، كانت سبعًا (في 15)، واثنتي عشر (في 14)، وهما رقما الكمال.فالذين سيأتون من العالم الوثنيّ سيكون لهم طعام أيضًا.

 

 

الأب توما مهنّا