الخميس الثالث من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  ( يو 16 /20 ـ24)

 

 

20 قال الرّبّ يسوع: "الحقّ الحقّ أقول لكم: إنّكم تبكون وتنوحون، أمّا العالم سيفرح. أنتم ستحزنون ولكن حزنكم سيتحوّل إلى فرح .

 

21 المرأة تحزن وهي تلد، لأنّ ساعتها قد حانت. ولكنّها متى ولدت الطفل، لا تعود تذكر ضيقها، لفرحها أنّ إنسانًا ولد في العالم.

 

22 فأنتم الآن أيضًا تحزنون، إنّما سأعود فأراكم، وتفرح قلوبكم، ولا ينتزع أحدٌ فرحكم منكم.

 

23 وفي ذلك اليوم لن تسألوني شيئًا. الحقّ الحقّ اقول لكم: كلّ ما تطلبونه من الآب باسمي، يعطيكم ايّاه.

 

24 حتى الآن لم تطلبوا باسمي شيئًا. اطلبوا تنالوا فيكتمل فرحكم ".

 

 

 

 

أولًا قراءتي للنصّ

 

 

 يبدأ يسوع جوابه على تساؤلات تلاميذه، حول عبارة "عمّا قليل" التي وردت في كلامه (يو 16/16)، بأنّه يقول الحقّ؛ من هنا، نقطة الإنطلاق مع الرّبّ، وإلا يستحيل الذهاب إلى أبعد.

 

الــ "عمّا قليل" الأولى تدلّ على الزمن المتبقي من حياة يسوع العلنية مع تلاميذه، والمنتهي مع بدء زمن الــ"عمّا قليل" الثانية، الذي هو زمن آلام يسوع وموته على الصليب؛ وهذا الزمن هو أيضًا زمن البكاء والنوح والحزن بالنسبة إلى التلاميذ، وهو زمن الفرح والشعور بالإنتصار بالنسبة إلى العالم.

 

 

 ينتهي زمن الـ "عمّا قليل " الثانية بحدث قيامة الرّبّ من بين الأموات، وبظهوراته للتلاميذ، وبتمجيده عن يمين الله الآب وبإرسال الروح القدس ...؛ وهكذا يتحوّل موت يسوع إلى قيامة، وغيابه المحسوس إلى حضور روحي دائم، وكذلك، ينتهي حزن التلاميذ ويتحوّل إلى فرح دائم، لا ينتزعه أحد منهم .

 

لقد شبّه يسوع هذا التحوّل لدى التلاميذ بالتحوّل الذي يحدث لدى المرأة التي تحزن وتتضايق، ساعة الولادة، ويتحوّل حزنها وضيقها إلى فرح بعد الولادة، وعند رؤيتها المولود ــ الطفل الذي أتى إلى العالم؛ ويكتمل فرح التلاميذ بالصلة التي تنشأ وتتوطّد بينهم وبين الله الآب الذي يمنحهم كلّ ما يسألونه باسم يسوع .

 

 

 نتبيّن ممّا تقدّم أنَّ التدبير الخلاصيّ الذي أتمّه يسوع، قد انطوى على المعطيات الأساسيّة التالية.

 

 

 حياة زمنيّة عاشها يسوع، شبيهة من جهة بحياة كلّ الناس، ومميزة من جهة أخرى، عن حياة الناس بكثير من ظواهر التفوّق الإلهي في مجالي الأقوال و الأعمال.

 

 

 وطاعة كاملة لإرادة لله، تجلّت في حياة يسوع، وبخاصة في تحمّله الأحكام الجائرة والظالمة، وفي الآلام المبرّحة حتى الموت على الصليب؛ مع الإشارة إلى أنّ هذه هي التي طالت ولا زالت تطال الكثيرين من أبناء البشر، وبخاصة المؤمنين به، في حياتهم الإجتماعيّة .

 

 

 حياة جديدة ممجّدة، ارتقى إليها يسوع المتأنّس بالقيامة، واكتسبها لنا بجلوسه عن يمين الله الآب .

 

 إيماننا بتدبير الله الخلاصيّ هذا ومشاركتنا فيه تقضي علينا عيش حياتنا العاديّة بشيء من البطولة، وعيش ظلم هذه الحياة وموتها بالتسليم الكامل لإرادة الله، وعيش التوق إلى الحياة الجديدة بالرّجاء الوطيد.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائية"

 

 

 الآية (20)

 

يحزن التلاميذ وتتحطّم آمالهم حين يموت معلّمهم؛ ويفرح العالم الذي حكم عليه بالموت، وانتصر عليه بتنفيذ الحكم؛ ولكن هذا الوضع سينقلب، بالنسبة إلى التلاميذ، حين يرون ،على ضوء القيامة، أنّ موت يسوع ليس فشلاً في نهاية الأمر، بل هو بالحقيقة وفي الحقّ، انتصار وتمجيد ليسوع، ودينونة للعالم؛ هكذا ينقلب حزن التلاميذ فرحًا لا ينتزعه أحد منهم .

 

 

شرح عبارات وكلمات 

 

 

المرأة تحزن ...(21 )

 

حزن المرأة في المخاض ينقلب إلى فرح حين يولد إنسان؛ طبّق العهد القديم هذه الحال على أحداث الأزمنة المسيحانيّة (اش 26 /16ـ 20 ؛66 /7ـ 14)؛ وطبّقها يوحنّا على التلاميذ الذين ينقلبون من حزن موت الربّ إلى فرح قيامته الدائم.

 

 

 في ذلك اليوم (23)

 

أي حين يأتي الزمن الإسكاتولوجيّ، لن تطلبوا منّي معلومات، وما تسألون الآب باسمي يمنحكم إيّاه.

 

 

 الآية (24)

 

 أنهى يسوع خطبة الوداع، مثبّتًا تلاميذه في الرجاء، وواعدًا  إيّاهم بأن يكون إلى جانبهم في حضرة الآب، فتصبح صلاتهم صلاتّه الخاصة؛ وقوّة يسوع التي تغلبت على قوى الشرّ سترافقهم في الاضطهادات الآتية (يو16 /24ـ 33)؛ لمّا كان يسوع معهم، لم يطلبوا منه شيئًا، لكن عندما مضى يسوع في مجده، وصار الوسيط القدير بين الآب والمؤمنين به، فلهم ان يطلبوا وينالوا، وهكذا يكتمل فرحهم.

 

 

الأب توما مهنّا