الجمعة السابعة من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم لوقا (10 /29-37)

 

 

فأًرادَ عالم التوراة أَن يُزَكِّيَ نَفسَه فقالَ لِيَسوع: "ومَن قَريبـي؟"

 

فأَجابَ يَسوع: "كانَ رَجُلٌ نازِلاً مِن أُورَشَليم إِلى أَريحا، فوقَعَ بِأَيدي اللُّصوص. فعَرَّوهُ وانهالوا علَيهِ بِالضَّرْب. ثمَّ مَضَوا وقد تَركوهُ بَينَ حَيٍّ ومَيْت.

 

فاتَّفَقَ أَنَّ كاهِناً كانَ نازِلاً في ذلكَ الطَّريق، فرآهُ فمَالَ عَنه ومَضى. وكَذلِكَ وصلَ لاوِيٌّ إِلى المَكان، فَرآهُ فمَالَ عَنهُ ومَضى. ووَصَلَ إِلَيه سَامِرِيٌّ مُسافِر ورَآهُ فأَشفَقَ علَيه،

 

فدَنا منه وضَمَدَ جِراحَه، وصَبَّ علَيها زَيتاً وخَمرًا، ثُمَّ حَمَلَه على دابَّتِه وذَهَبَ بِه إِلى فُندُقٍ واعتَنى بِأَمرِه.

 

وفي الغَدِ أَخرَجَ دينارَيْن، ودَفَعهما إِلى صاحِبِ الفُندُقِ وقال: "اِعتَنِ بِأَمرِه، ومَهْما أَنفَقتَ زيادةً على ذلك، أُؤَدِّيهِ أَنا إِليكَ عِندَ عَودَتي".

 

فمَن كانَ في رأيِكَ، مِن هؤلاءِ الثَّلاثَة، قَريبَ الَّذي وَقَعَ بِأَيدي اللُّصوص؟

 

فقال: "الَّذي عَامَلَهُ بِالرَّحمَة". فقالَ لَه يَسوع: "اِذْهَبْ فاعمَلْ أَنتَ أَيضاً مِثْلَ ذلك".

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 يتفرّد لوقا هذا المثل وبالآيات المختصّة به، شارحًا ، كما سنرى، كيف يجب التوفيق بين محبّة اللّه ومحبّة القريب.

 

كان عالم التوراة يفتّش، كما يظهر من سؤاله:"ماذا أعمل..."(25), و من جواب يسوع له:"آفعلْ..."(28)، عمّا يجب عليه أن يفعل، أكثر ممّا يجب عليه أن يعرف؛ كان يفتّش بالأحرى، عمّا يجهله فعلاً، ويريد بصدقٍ معرفته، لأنّ هذه المعرفة ضروريّة لحياته العمليّة، وفق وصيّة المحبّة؛ وجهله هذا يبرّر سؤاله الثاني، وموضوعه ما يجهل فعلاً، وهو التالي:"ومن هو قريبي؟"؛ قد يكون الباعث على التساؤل لديه، هو التبابين، بل التناقض، بين ما يقرأه في التوراة، ويقول به اليهود، وبين ما يسمعه عن يسوع، وعن العديد من مواقفه التي تنطلق دومًا  من محبّته للجميع، ومساواته فيما بينهم.

 

 

 

 

أجابه يسوع بمثل السامريّ الصالح: قصّة رجل يهوديّ وقع مصابًا  بين أيدي اللُّصوص في الطريق؛ فمرّ به كاهن، ثمّ لاويّ، ومالا عنه؛ ومرّ به سامريّ، وتحنّن عليه، وأمّن له العناية التي تتطلّبها حالته...؛ وفي آخر القصّة، سأل يسوع عالم التوراة: فما رأيك، أي هؤلاء الثلاثة كان قريب ذلك الرجل؟ فقال عالم التوراة: الذي صنع إليه رحمة؛ فقال له يسوع: اذهب، واصنع أنت  أيضاً كذلك!

 

 

إذن، اليهوديّ الواقع بين أيدي اللُّصوص صار قريبًا  للسَّامريّ الذي رحمه، ولم يعد قريبًا ، لا للكاهن ولا للاّويّ، اللّذين لم يرحماه؛ فقاعدة القرابة التي هي في أساس وصيّة محبّة القريب، هي في قلب الإنسان الذي يشعر بواجب الرحمة نحو أيّ محتاج (و كلّ إنسان محتاج)، يلتقي به في الحياة! يسوع أتى رحمة لكلّ إنسان، في حاجاته الزمنيّة والأبديّة؛ وعلينا نحن، على مثاله، أن نكون رحمة لكّل محتاج بإمكاناتنا على اختلافها وبصلواتنا.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائّية"

 

 

الآية(29)

 

 

أراد عالم التوراة أن يبرّر نفسه، ما يدلّ على جدّيّته في السؤال الذي طرحه، مع أنّه أعطى، هو عينه، الجواب؛ من هو قريبي؟ هنا الصعوبة، وعلى هذا هو بحاجة إلى جواب؛ في العالم اليهوديّ، قريبي هو ابن شعبي( خر20 /16-17؛ 21/14، 18/35)؛ امّا الآخرون فهم غرباء، وربّما أعداء.

 

 

الآيات(31-33)

 

 نجد هنا ثلاثة أشخاص، كما اعتاد لوقا أن يفعل(14 /18-20؛ 19 /16-24؛ 20 /10-12): الأوّل كاهن، والثاني لاويّ(بما أنّ الجريح يهوديّ، وجب على الكاهن و وعلى اللّاويّ، أن يهتمّا به)، والثالث سامريّ، غريب؛ المحبّة لا تقف عند حدود الوطن والدين.

 

الآية(34)

 

سكب السامريّ زيتًا  على جراح الرجل الجريح  ليهدّىء الوجع، وسكب خمرًا  عليها ليزيل الالتهاب، وهكذا كان يفعل الأطبّاء؛ رأى آباء الكنيسة في هذا السامريّ يسوع،  طبيب المرضى (أي الخطأة)، الذي يعتني بجراحهم ويقودهم إلى الفندق(=الكنيسة)، ويسلّمهم معافين إلى اللّه ابيه.

 

 

الآية(37)

 

 

 القريب هو الذي يقترب من الآخرين بمحبّته، ولو كانوا من الأعداء؛ وهكذا، يصبح السؤال: كيف يمكن أن تكون قريبًا  من كلّ إنسان؟ بهذه الطريقة، تكون المحبّة  بلا حدود، ولا تكون شكليّة، بل عمليّة (اذهب، واعمل)

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

من أورشليم إلى أريحا(30)

 

 

 طريق تمتدّ نحو 17 ميلاً، عرفت بتواجد لصوص عليها بسبب تشعّباتها.

 

 

مَن هو قريبي(36)

 

 

 قريبك هو الضعيف أو المحتاج، الذي أنت تتقرّب منه، و لا تنتظر أن يتقرّب هو منك.

 

 

 

الأب توما مهنَا