الجمعة الثامنة من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم  (لوقا  11 /24-26)

 

 

"إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذا خَرَجَ مِنَ الإِنسان، هامَ في القِفارِ يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها فيَقول: أَرجعُ إِلى بَيتيَ الَّذي مِنهُ خَرَجْتُ. فيأتي فَيَجِدُهُ مَكْنوسًا مُزَيَّنًا. فيَذْهَبُ ويَستَصحِبُ سَبعَةَ أَرواحٍ أَخبَثَ مِنه، فيَدخُلونَ ويُقيمونَ فيه، فتَكونَ حالةُ ذلكَ الإِنسانِ الأَخيرة أَسوأَ مِن حالَتِه الأُولى".

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

 

أُعطيَ لهذا النصّ، المؤلّف من ثلاث آيات، العنوان التالي. عودة الروح النجس؛ النصّ الموازي له في متّى (12 /43-45) مرفق  بالشرح التالي. هذا مَثَل قاله يسوع مشدّدًا على أنّ التوبة والإيمان عمل مستمر، ومشروع كبير، يتطلّب جهدًا وسهرًا وعناية متواصلة؛ وإلاّ فهو مهدَّد بالسقوط والانهيار.

 

 

 نعم، ما دمنا، أيُّ منّا من دون استثناء، في هذه الحياة الزمنيّة، فنحن معرّضون فعلاً أو، أقلّه، ميلاً إلى الخطيئة، وإلى التعايش معها فترات من الزمن؛ كم من المؤمنين، حالهم هي حال التعايش مع الخطيئة؟! فالميل إلى الخطيئة، كما فعل الخطيئة، هو الروح النجس فينا؛ على أنّه بإمكان كلٍّ منّا التحرّر من هذه الحال بالإمان الوطيد والتوبة الصادقة، فيهجر عندها الروح النجس داخل المؤمن والتائب، ويهجر ضميره الذي يصبح هكذا نظيفًا ومزيّنًا بنعمة الربّ وأنس حضوره السعيد.

 

 

 

 

لكنّ الروح النجس، الهارب من الإيمان والتوبة، وغير الواجد داخلاً إنسانيًّا آخر، حيث يتوفّر له فيه الماء والراحة، يعود إلى الإنسان  الذي كان فيه، وتعوّد على التعايش معه، ويصطحب معه عددًا من الأرواح النجسة والأشرّ منه، متناسبًا مع درجة قداسته، وذلك للتمكّن من الدخول، من جديد، والإقامة فيه وعنده، وجعل حاله الحاضرة اسوأ من حاله السابقة.

 

 

 

 من هنا القول بوجود نسبة تعادل بين درجة القداسة وطهارة الضمير من جهة، وبين قوّة التجربة وشدّة مقاومتها من جهة أخرى، وإلاّ وقعنا في حالة كثير من الذين يعتبرون اللّه ويجيزون، مع ذلك، لنفوسهم ما لا يجيزه لنفسه المؤمن العاديّ.

 

 

 

 الإيمان عمل مستمرّ لا راحة فيه، ولا هوادة؛ على المؤمن أن يظلّ أبدًا حذرًا، مستعدًّا، لا يطمئنّ إذا غاب الشيطان، فإنّه عائد ومعه شياطين.

 

 

 اعتقد الأقدمون أنّ الأماكن المقفرة هي مسكن الشياطين (لا 16/10؛ آش 13/21؛ 34/14؛ با 4/35؛ رؤ 18/2 متّى 8/28)؛ ولكنّ الشياطين تفضّل أن تسكن البشر (متّى 8/29).

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 هنا (لو 11 /24-26) حديث عن إنسان يقع بين أيدي الشيطان بعد أن يكون قد تحرّر منه؛ وتحذير له من الخطر الذي ينتظره، دون أن نعتبر أنّه أمام حتميّة لا يستطيع التفلّت منها (لو 10/18؛ 11/20).

 

 

 الأماكن التي لا ماء فيها هي البراري، هي موطن الشياطين، في مفهوم الشعوب الشرقيّة والعهد القديم

(لا 16/10؛ آش 13/21؛ لو 4/1؛ 7/24).

 

 

 

 

الأب توما مهنّا