الجمعة الأولى من الصوم الكبير «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  (متّى ٧: ١٣-٢٧)

 

 

١٣ ادخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّق: لأنَّهُ وَاسِعٌ البَابُ وَرَحبٌ الطَّرِيقُ الَّذي يُؤدِّي إلى الهَلاك، وكَثيرُونَ هُمُ الَّذينَ يَدخُلُون مِنهُ؛

 

١٤ ومَا أضيَقَ البَابَ وأحرَجَ الطَّرِيقَ الَّذي يُؤدِّي إلى الحَيَاة، وقَلِيلُونَ هُمُ الَّذينَ يَجِدُونَهُ.

 

١٥ احذَرُوا الأنبِيَاءَ الكَذَبَةَ الَّذينَ يَأتُونَكُم بِلِبَاسِ الحُملان، وهُم في بَاطِنِهِم ذِئَابٌ خَاطِفَة.

 

١٦ مِن ثِمارِهِم تَعرِفُونَهُم: هَل يُجنَى مِنَ الشَّوكِ عِنَب، أو مِنَ العَوسَجِ تِين؟

 

١٧ هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ صَالِحَةٍ تُثمِرُ ثِمَارًا جَيِّدَة. أمَّا الشَّجَرَةُ الفَاسِدَةُ فَتُثمِرُ ثِمَارًا رَدِيئة.

 

١٨ لا تَقدِرُ شَجَرَةٌ صَالِحةٌ أن تُثمِرَ ثِمَارًا رٓدِيئَة، ولا شَجَرَةٌ فَاسِدَة أنْ تُثمِرَ ثِمَارًا جَيِّدَة.

 

١٩ كُلُّ شَجَرَةٍ لا تُثمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقطَعُ وتُلقَى في النَّار.

 

٢٠ فَمِن ثِمَارِهِم تَعرِفُونَهُم.

 

٢١ لَيسَ كُلُّ مَنْ يَقولُ لي: يَا رَبّ، يَا رَبّ! يَدخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات، بَل مَنْ يَعمَلُ مَشِيئَةَ أبِي الَّذي في السَّمَاوَات.

 

٢٢ كَثِيرُن سيَقولُونَ لي في ذلِكَ اليَوم: يَا رَبّ، يَا رَبّ! أمَا باسمِكَ تَنَبَّأْنَا، وباسمِكَ أخرَجْنَا الشَّيَاطِين، وباسمِكَ عَمِلنَا كَثِيرًا مِنَ الأعمَالِ القَدِيرَة؟

 

٢٣ فَحِينَئِذٍ أُعلِنُ لَهُم: مَا عَرَفتُكُمُ البَتّة. ابتَعِدُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإثْم!

 

٢٤ فَكُلُّ مَنْ يَسمَعُ أقوالِي هَذِهِ، ويَعمَلُ بِهَا، يُشبِهُ رَجُلًا حَكِيمًا بَنَى بَيتَهُ على الصَّخرَة.

 

٢٥ وهَطَلَتِ الأمطَار، وفَاضَتِ الأنهَار، وعَصَفت الرِّيَاح، وصَدَمَت ذلِكَ البَيت، فَلَم يَسقُطْ، لأنَّ أسَاسَهُ بُنِيَ على الصَّخرَة.

 

٢٦ وكُلُّ مَن يَسمَعُ أقوالي هذِهِ، ولا يَعمَلُ بِها، يُشبِهُ رَجُلًا جاهِلًا بَنَى بَيتَهُ على الرَّمل.

 

٢٧ وهَطَلَتِ الأمطَار، وجَرَتِ الأنهَار، وَعَصَفت الرِّيَاح، وصَدَمَتْ ذلِكَ البَيت، فَسَقَط، وكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا.

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم العناوين الأربعة التالية.

 

الأوّل"البابان والطريقان" (١٣-١٤)؛ له نصّ موازٍ في لوقا (١٣: ٢٣-٢٤).

الثاني "الشجرتان" (١٥-٢٠)؛ له نصّ موازٍ في متّى أيضًا (١٢: ٣٣)، وآخر في لوقا (٦: ٤٣-٤٤).

الثالث "نوعان من التلاميذ (٢١-٢٣)؛ له نصّ موازٍ في لوقا (٦: ٤٦؛ ١٣: ٢٧).

الرابع "الحكيم و الجاهل" (٢٤-٢٧)؛ له نصّ موازٍ في لوقا (٦: ٤٧-٤٩).

 

 تحت العنوان الأوّل البابان والطريقان (١٣-١٤)

 

 

يقابل يسوع بين الباب الواسع الذي يدخله كثيرون، ويؤدّي طريقه إلى الهلاك، وبين الباب الضيّق الذي يدخله قليلون، ويؤدي طريقه إلى الحياة؛ ثمّ يأمر يسوع تلاميذه بالدخول من الباب الضيّق، وبالسير على الطريق الحرج.

 

 وتحت العنوان الثاني الشجرتان (١٥-٢٠)

 

يقابل يسوع بين الشجرة الصالحة التي تثمر ثمارًا صالحة وجيّدة، والتي لا تقدر أن تثمر ثمارًا رديئة، والتي لا تقدر أن تثمر ثمارًا جيّدة؛ إذن، الثمار من طبيعة الشجرة، وتابعة لحالة هذه الطبيعة، ومعبّرة عنها؛ ثمّ يحذّر  يسوع تلاميذه من الأنبياء الكذبة؛ ظاهرهم (لباس الحملان) غير باطنهم (ذئاب خاطفة)، ويدعوهم إلى تركيز معرفتهم للآخر على أعماله، لا على أقواله أو مظهره فحسب.

 

 وتحت العنوان الثالث نوعان من التلاميذ (٢١-٢٣)

 

يقابل يسوع بين مَن يعمل بمشيئة الله أبيه، فلا يفعل الإثم، ويصل إلى الملكوت السماويّ، وبين مَن يدعو الله: يا ربّ، يا ربّ، ويعمل كبار الأعمال (التنبّؤ، إخراج الشياطين وأعمال قديرة)، ولكنّه يفعل الإثم والخطيئة.

 

 وتحت العنوان الرابع الحكيم والجاهل (٢٤-٢٧)

 

يقابل يسوع بين من يسمع أقواله ويعمل بها، مشبّهًا إيّاه بالحكيم، الذي يبني بيته على الصخرة، فيصمد ضدّ عوامل الطبيعة الهدّامة (هطول الأمطار، فيضان الأنهار، وعصف الرياح)، و بين مَن يسمع أقواله، ولا يعمل بها، مشبّهًا إيّاه "بالجاهل" الذي يبني بيته على الرمل، فلا يصمد ضدّ عوامل الطبيعة، بل يسقط ويكون سقوطه عظيمًا.

 

 شرح عبارات وكلمات

 

يا ربّ، يا ربّ (٢١)

 

يحفظ متّى لقب "يا ربّ" للتلاميذ فقط؛ ولقب "يا معلّم" للكتبة والفرّيسيين وللشابّ الغنيّ (١٩: ١٦) فقط، وهم لا يرون في يسوع أكثر من معلّم للشريعة؛ ولقب "رابّي" للتلميذ الخائن يهوذا الإسخريوطيّ.

 

 البنّاء الحكيم (٢٤)

 

هو من يسمع كلّ ما ورد في "خطبة الجبل" أو برنامج الملكوت (٥-٧) ويتّخذ أساسًا ثابتًا يبني عليه حياته وأعماله كلّها، فيثبت بناؤه؛ أمّا مَن يسمع كلام يسوع، ولا يجعله قاعدة لحياته، فهو بنّاء جاهل يبني بيته (حياته) على الرمل، فيسقط بناؤه.

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 الآيتان (١٣-١٤)

 

يدلّ الباب الضيّق على ما يقدّمه يسوع من تعليم جذريّ على مستوى الوصايا (٥: ٢١)، وما يطلبه مِن حمل صليب والسعي وراءه.

 

 الآيات (١٥-٢٠)

 

كما الثمرة في علاقة مع الشجرة، كذلك تصرّف الإنسان، على مستوى القول والعمل، هو في علاقة مع عمق شخصه؛ وجاء التطبيق على النبيّ الكاذب، الذي يتكلّم من عنده، لا من عند الرب: إنّه ذئب، يجب أن نحذر منه، هو شجرة فاسدة، ينبغي أن لا نأكل من ثمرها.

 

 الآيات (٢١-٢٣)

 

لا يكفي التلميذ الحقيقيّ أن يتكلّم كالنبيّ، ويصلّي، للدخول إلى ملكوت السماوات، بل يحتاج، مع اعتراف الشفَتين، إلى عمل اليدَين: إلى أن يتمّم مشيئة الله، وفق مخطّط خلاص الله، ومجمل متطلّباته في الحياة اليوميّة؛ وكذلك، لا يكفي التلميذ الحقيقيّ أن يقول كلمةً باسم يسوع (يتنبّأ)، وأن يفعل مثل يسوع (يطرد الشياطين ويشفي المرضى)، لكي يتعرّف يسوع إليه، بل عليه أن يتجنّب الأعمال الشرّيرة.

 

 شرح بعض العبارات والكلمات الواردة في الايات (24-27).

 

 يسمع (24)

 

يصغي ويطيع.

 

يعمل (24)

 

يقوم بأعمال تلزم الإنسان، لا بأعمال خارجيّة، بعواطف داخليّة ونوايا لا تتحقّق (راجع متّى 7: 12).

 

 الرجل الحكيم (24)

 

هو الذي يسند حياته إلى الله؛ ويبني بيته على الصخر، متينًا، فلا تُسقِطُه الأمطار والأنهار والرياح.

 

 

 الرجل الجاهل (26)

 

هو الذي ينسى الله، وينقاد إلى إنكاره، معتمدًا على نفسه؛ يبني بيته على الرمل، فتسقطه الأمطار والأنهار والرياح.

 

الأب توما مهنّا