الثلاثاء من أسبوع الموتى المؤمنين «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم (لو 12/ 8-12)

 

 

 

 

8  إنّي أقولُ لكم: كلُّ مَن اعترفَ بي أمامَ النَّاس، يَعترفُ بهِ ابنُ الإنسانِ أمامَ ملائكةِ الله.

 

9  ومَن أنكرني أمامَ النّاس، يُنكَرُ أمامَ ملائِكةِ الله.

 

10 وكلُّ مَن يقولُ كلمة على ابنِ الإنسانِ يُغفرُ لهُ، أمَّا مَن يُجدِّفُ على الرُّوحِ القُدُسِ فلن يُغفرَ لهُ.

 

11 وحين يُقدِّمونَكُم إلى المجامع والرِّئاساتِ والسُّلطات، لا تهتمّوا كيفَ أو بماذا تُدافعون عن أنفُسِكُم، أو ماذا تقولون.

 

12 فالرُّوحُ القُدُسُ يُعلّمُكُم في تِلكَ السَّاعةِ ما يجِبُ أن تَقولوه.

 

 

 

 

أوّلًا  قراءتي للنصّ

 

 

 الآيتان (8-9)

 

"ولا تخافوا" (7)، في الحياة الأخرى، يتابع يسوع كلامَه لتلاميذه، لأنّ الله، هو ابنُ الإنسان بالذات، سيعترفُ في عالم الملكوت، بكلّ مَن يكون قد آمن به، في هذه الدّنيا، واعترفَ به علنًا، أمام النّاس؛ أمّا الذي لا يؤمنُ بيسوع، ويُنكره أمام النّاس، في هذه الدّنيا، فذاكَ سوفَ يُنكَرُ في عالم الملكوت. فموقف الربّ منّا، في الحياة الأخرى، يتساوى مع موقفنا منه، في هذه الدّنيا: الاعتراف بالاعتراف، والنكران بالنكران.

 

 

 

 

 

 اعتراف الله بإنسانٍ انتقلَ من هذه الدّنيا إلى السُّميا، مشروط باعتراف هذا الإنسان به أمام النّاس، وفي دنياه؛ هذا الاعتراف يُمكنُ أن يتمّ بالقول أو بالفعل، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة: يتمّ اعترافُ الإنسانِ بالقول، بالله، عندما يُجاهر بإيمانه به، مَهما كانت النتائج؛ ويتمّ هذا الاعتراف بالفعل، إذا ما عاشَ المؤمنُ وفق إيمانه؛ ويتمّ بطريقة مُباشرة، إذا ما فتّشَ الإنسانُ عن يسوع المُخلّص، وأخذ به؛ ويتمّ أخيرًا، بطريقة غير مُباشرة، إذا ما أصغى المؤمنُ إلى صوت ضميره المُستنير بالإيمان، وجعلهُ القاعدة الوحيدة، والمرجع لأقواله وأفعاله.

 

 

 

 

 الآية (10)

 

 

نحن أمام تمييز خطايا قابلة للغفران، هي من نوع "كلمة على ابن الإنسان"، من خطايا غير قابلة للغفران، وهي من نوع "التّجديف على الرّوح القدس"؛ فخطايا النّوع الأوّل تمسّ بيسوع وتنتقصه، بشكلٍ من الأشكال، كيانـًا وحياةً، وكأنّها تنظرُ إليه من خلال الإنسان الذي صارَهُ بتجسّده وتشبّهه بنا وبضعفنا، في كلّ شيء، ما عدا الخطيئة؛ وأمّا خطايا النوع الثاني، فإنّها تمسّ الرّوح القدس، وتنتقص ما يتجلّى منه بالذات، ويتسامى على ما هو منّا وفينا، ويتبدّى بكلّيته من الله، وبالتالي جديدًا بالنّسبةِ إلى ما نحن فيه وعليه! فمقترف مثل هذه الخطايا، لا ينقاد إليها من حيث كونه إنسانـًا ضعيفـًا ومُعرّضًا لِقوى الشرّ العاملة في هذا العالم، بل من حيث كونه قد أصبح "شرّيرًا"، والشرّ قد استقرّ فيه.

 

 

 

 

طرحتْ قضيّة الخطايا التي لا تُغفر في الكنيسة الأولى، انطلاقـًا من هذا النصّ وأمثاله، وبخاصّة من نصّ آخر للقدّيس بولس (عب 6/ 4-6).

 

 

 الآيتان (11-12)

 

 

يسوع يُنبئ تلاميذه ضمنـًا، عن الاضطهاد الذي سيتعرّضون له، وذلك لكي يُطمئنهم بأنّه سيكون إلى جانبهم، بروحه القدّوس، الذي يُلهمهم ما عليهم أن يقولوه، ويُدافعوا به عن أنفسهم، هو الرّوح القدس الذي يعلّمهم ذلك، فهو المعلّم (يو 14/ 26)؛ يجدر بنا، كلّما وُجدنا في حال مضايقة أو ظلم، متأتّـية من آخرين، ألّا ننقاد لردّات الفعل العفويّة، بل حريّ بنا أن نستلهِمَ الرّوح القُدس، فيُرشدنا إلى ما يُخرجنا من المأزق، ويعود بالخير لنا ولمضطهدينا، أكانوا من الإخوة أو من الأعداء.

 

 

 

ثانيًا قراءة رعائيّة

 

الآيتان (8-9)

 

 

مَن يعترف بيسوع أنّه المسيح وابن الله (متى 16/ 16؛ 1يو 2/ 22)، يعترف به يسوع على أنّه تبعه بصدق (متى 7/ 21)؛ هذا يتمّ في الدينونة الأخيرة، أمام الملائكة (لو 9/ 26)؛ فيكون ابن الإنسان، في ذلك الوقت، الشّاهد والمدافع عن أخصّائه ومُحبّيه، لا الديّان كما في متّى (25/ 31-46)؛ ومَن يُنكره أمام النّاس، ولا يشهد له، لا يتعرّف إليه الربّ في ذلك الوقت.

 

 

 

 الآية (10)

 

 

نورد أوّلًا، الشرح المعطى للآيتَين الموازيتين في متّى (12/ 31-32)، وهذا نصّه: الخطيئة بشكلٍ عامّ، والتجديف بشكلٍ خاصّ، يُغفران، لأنّ الله إله الغفران؛ مَن تجاهل سرَّ ابن الله (أي مَن هاجمَ يسوع)، وما فهم كيف يطرد الشيطان، غفر الله له؛ أمّا مَن تجاهلَ عمل الرّوح القدس في يسوع، فلا يُغفر له، لأنّه يُعارض عمل الرّوح وإلهاماته؛ نحن هنا، أمام تحذير وتهديد يُبقي غفران الله مفتوحًا؛ ونورد ثانيًا، الشرح المُعطى لهذه الآية، وهذا نصّه: قابل لوقا بين زمن يسوع على الأرض، حتّى موته (كلّ هذا يغفر)، وبين زمن الرّسالة وعمل التلاميذ مع الرّوح القدس، حيث أعطيت الإمكانيّة الأخيرة للإهتداء والتوبة (رسل 2/ 38؛ 3/ 19؛ 13/ 46؛ 18/ 6؛ 28/ 25-28).

 

 

 

 الآية (11)

 

 

نحن أمام لوحة عامّة عن وضع الكنيسة الأولى التي عرفت المضايقات والاضطهاد من قِبَلِ العالم اليهوديّ (المجامع)، ومن قِبَل العالم الوثنيّ (الرئاسات والسلطات).

 

 

 

 الآية (12)

 

 

بينما يتكلّم الرّوح في فم التلاميذ، في متّى (10/ 20)، ومرقس (13/ 11)، فهو في لوقا، يعلّم التلاميذ، وهم يتكلّمون.

 

 

الأب توما مهنّا