الثلاثاء العاشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 23 /16-22)

 

16 قالَ الرَّبُّ يسوع : "الويل لكم، أيُّها القادة العميان! لأنّكم تقولون: مَن حَلَفَ بالمقدس، فلا قيمة لحلفه، أمّا مَن حَلَفَ بذهب المقدس، فحلفه مُلزم.

 

17 أيُّها الجُهّالُ والعُميان، مَا الأعظَم؟ الذَّهبُ أمِ المقدسُ الّذي يقدِّسُ الذّهَب؟!

 

18 وتقولون أيضًا: مَن حلَفَ بالمذبح، فلا قيمة لحلفه، أمّا مَن حلف بالتّقدمة الّتي عليه، فحلفه مُلزم.

 

19 أيُّها العميان! ما الأعظم؟ التّقدمَةُ أم المذبَحُ الّذي يقدِّسُ التَّقدِمَة؟!

 

20 فمن حَلَفَ بالمذبح، فَقَد حَلَفَ بِهِ وبكُلِّ ما عليه.

 

21 مَن حَلَفَ بالمقدِس، فَقَد حَلَفَ بِهِ وبالله السّاكِنِ فيه.

 

22 ومَن حَلَفَ بالسَّماء، فَقَد حَلَفَ بِعرشِ الله وبالجالِسِ عَلَيه".

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

 

 يتوجّه يسوع  "بالويل" إلى الكتبة والفرّيسيّين الّذين يصفهم هنا "بالقادة العميان"، ويعرض رأيهم في "الحلف" مثلًا يثبت صحّة وصفهم بهذه الصفة الجديدة.

 

 

 يقول الكتبة والفرّيسيّون إنّ الحلف بالمقدس غير ملزم، كما الحلف بالمذبح غير ملزم أيضًا؛ أمّا الحلف بذهب المقدس فملزم، وكذلك الحلف بالتقدمة التي على المذبح، هو أيضًا ملزم.

 

 ويسألهم يسوع: ما الأعظم؟ الذهب أم المقدس الذي يقدّس الذهب؟ التقدمة أم المذبح الذي يقدّس التقدمة؟ وهكذا يثبت غلط حكمهم، ويعلن أمامهم تكرارًا بأنّ الحلف بالمذبح يعني الحلف به وبكلّ ما عليه، وبأنّ الحلف بالمقدس يعني الحلف به وبالله الساكن فيه، كما الحلف بالسماء يعني الحلف بعرش الله وبالجالس عليه.

 

 

 إنّنا، مع هذا النصّ، في إطار الطريقة الفكرّية التي اختصّ بها الفكر اليهوديّ، وقد دخلت إلى الفكر المسيحيّ، وازدهرت في العصر الوسيط منه، واستخدمت في مجال اللاّهوت الأدبيّ، ودعيت "بالإفتاء" (Casuistique)؛ تقوم هذه الطريقة الفكريّة على جمع خلاصات أو حلول لمشاكل أدبيّة رئيسة، مستخرجة من فلفسة لاهوتيّة كانت سائدة في تلك العصور، وكان فيها للحرف دور وقيمة أكبر ممّا للرُّوح أو للمعنى؛ أمثلة على ذلك: اللّفظ الكامل، الحضور المادّيّ، تتميم الفريضة...، يمكن القول إنّ "الكم" اعتبر أفضل من "الكيف"، بنظر هذه الطريقة؛ وفي هذا الإطار، علّم اللاّهوت بأنّ مفعول السرّ ناتج من تتميمه، وليس من متمّمه.

 

 يدّعي الفرّيسيّون المعرفة، ومع ذلك، لا يعرفون أن يبصروا النور (متّى 11/25؛ لو 10/21)؛ الأعمى المتواضع يؤمن فيبصر، والفرّيسيّ المتكبّر لا يؤمن فيعمى (راجع شرح يو 9/39).

 

 

 يوجّه يسوع نقدًا لطريقة علماء الناموس اليهود في حلّهم من النذور المأخوذة على أساس حلف: يدّعون أنّ طريقتهم تستند إلى توراة  موسى، ولكن، في الواقع، هي احتيال على الوارد في هذه التوراة (راجع خر 25/8؛  29/37؛ 1 مل8/13؛ مز 26/8؛ أش 66/1؛ متّى 5/33-37؛ رسل 7/49 ).

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 الآية (16)

 

 يندّد يسوع، لا بممارسة الحلف والنذور، بل بعلم الفتاوى اليهوديّ الذي يوجّه ذلك نحو فرائض، وينسى الوصايا الأساسيّة في الشريعة: العدل والرحمة والصدق.

 

  الآية (17)

 

 رفض رؤساء اليهود التعرّف إلى الله، كما في شخص يسوع، ورفضوا أن يروا في أعماله أعمال الله؛ وفي النهاية، رفضوا أن يسمعوا كلامه: إنّهم عميان.

 

 

الأب توما مهنّا